الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مات خاطبها فما القربات التي تهديها له وهل يكون زوجها في الآخرة

السؤال

في البداية أشكرك فضيلة الشيخ على إتاحة هذه الفرصة بالاستفسار عما يحيرنا من أمور دنيانا لمحاولة التمسك بالحق وعدم الانحراف عن صراط الله المستقيم. وبالنسبة لسؤالي فإنني والله أكتب وقلبي يعتصر من الألم، ودموعي لا تجف، وفي صدري نار لا تهدأ، فأرجو من فضيلتكم تحملي إذا جاء سؤالي طويلا، أو كان كلامي غير مرتب، فأنا لا أدري كيف أكتب، ولا أستطيع تجميع أفكاري.
منذ 5 سنوات تعرفت على شاب في الجامعة بالصدفة، فلست من البنات اللاتي يصادقن الشباب أو يتعرفن إليهم، ولو حتى كزملاء أو في إطار الدراسة، ولكنه كان القدر، وفي السنوات الخمس كانت العلاقة محدودة، وأعلم وكان يعلم رحمه الله أنها خطأ، ولكن كنا نحاول قدر استطاعتنا أن نتقي الله ونبتعد عن الحرام، ولكن كنت أقابله أحيانا في الجامعة، أو نتحدث على الهاتف، ووالله بشهادة جميع من يعرفه أنه كان على خلق، وكان متدينا، كثير العمل الصالح والإحسان، كان بشوشا ومعاملته طيبة مع جميع الناس دائما، وبرا بوالديه وأهله، يصلي في المسجد، ويقرأ القرآن، حتى بعد انتهى من الدراسة وعمل مهندسا في إحدى الشركات كان مميزا في عمله، معروفا بالإخلاص ومحبوبا من رؤسائه ومرؤوسيه وأصدقائه وزملائه، حتى أنه من كان ينظر فقط إليه يحبه، ويرى رضا الله في وجهه. ووالله هذا بشهادة جميع من عرفه أو تعامل معه، أو حتى رآه في يوم.
تمت خطبتنا منذ 7 أشهر، وفي هذه الفترة وصل إلى مكانة كبيرة جدا في قلوب والدي وإخوتي وجميع أقاربي ومعارفي لحسن أخلاقه، والتزامه بدينه ومعاملته الطيبة وشخصيته البشوشة المتفائلة، ومنذ أسبوعين في طريق عودته من عمله صدمته سيارة وتوفاه الله بعد يوم قضاه في العناية المركزة، توفي ليلة الجمعة ودفن بعد صلاة الجمعة، وكانت جنازته من أكبر الجنازات في المنطقة. اعذرني فضيلة الشيخ، ولكن أود الاستفسار عن أكثر من نقطة تحيرني، أو بالأحرى تقتلني بعد أن توفي خطيبي والحمد لله زاد قربي من الله، وأتوب في اليوم مئة مرة عما فات من أخطائي، وأسال الله أن يغفر لي ولخطيبي ذنوبنا ويرحمنا، ولكن إحساسي بالذنب فعلا يقتلني، أريد أن أطمئن عليه، وأن الله سيغفر له، فقد كان صالحا شديد البر بوالديه وأهله، لا أعرف ما يمكنني فعله ليصل إليه الثواب، كيف أصله بعد أن مات، وكيف أستغفر له الله، ما الأعمال التي يمكنني القيام بها ليغفر الله له؟ وما الصدقات الجارية التي يمكنني أن أهبها له.
والنقطة الثانية: وأكرر أسفي عن الإطالة، ولكن والله والله إني في أمس الحاجة لسماع رد فضيلتك على استفساراتي، هي هل علي التخلص من الهدايا التي أعطاها لي قبل خطبتنا؟ مثلا خاتم أو عقد وهي أشياء رمزية ليست ثمينة، هل يأثم إذا استخدمتها؟ ورسائل الجوال التي كان يرسلها لي قبل الخطبة أو بعدها إذا احتوت على بعض كلمات الحب أو ما شابه يأثم إذا قرأتها؟ وكان يكتب لي رسائل ورقية في بعض المناسبات هل يأثم أيضا في كل مرة أقرؤها فيها؟ وهل يأثم في كل مرة أنظر فيها إلى صوره الموجودة لدي؟ وما الذي يمكنني عمله ليجمعني الله به ويجعله زوجي في الجنة؟ وشكرا جزيلا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يغفر لهذا الشاب، وأن يرحمه، وأن يحسن عزاءكم فيه، إن ربي قريب مجيب.
وإن كنت ألممت بذنب مع هذا الشاب أو مع غيره فالواجب عليك المبادرة إلى التوبة النصوح المستوفية لشروطها، والتي بيناها بالفتوى رقم: 5450. ورحمة الله واسعة ومغفرته لا يعظم عندها ذنب.
وإذا كان هذا الشاب قد مات على الحال المذكور فنرجو أن يكون قد مات على خير، فمن عاش على شيء مات عليه، ومن مات على شيء بعث عليه، كما قال ابن كثير في تفسيره عند قوله تعالى:( ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون)[آل عمران ]. ونرجو أن يكون هذا الشاب في عداد الشهداء، فإن من مات بحادث سير في حكم من مات بالهدم، وهو واحد من شهداء الآخرة، كما بينا بالفتوى رقم: 15027.
وكل عمل صالح يعمله المسلم من دعاء أو صدقة أو استغفار أو غيرها، ويهدي ثوابه للميت، ينتفع به بإذن الله تعالى، وراجعي الفتوى رقم: 5541.
وما أهدى إليك هذا الشاب من هدايا قبل الخطبة أو بعدها فلا حرج عليك في الانتفاع بها. فإن الموهوب له يملك الهبة بالقبض. ولمعرفة أصل حكم التهادي بين رجل وامرأة أجنبية عليه راجعي الفتوى رقم: 29146. وأما هذه الرسائل سواء المكتوبة في الجوال أم في ورق، والمشتملة على كلمات الحب وما شابهها، فنرجو من الله ان يغفرها له ويتجاوز عنها، ومن جهتك أنت عليك إزالة هذه الرسائل والصور.
والمرأة إذا لم تتزوج حتى ماتت زوجها الله تعالى بواحد من أهل الجنة، وقد يكون هذا الواحد خاطبها في الدنيا الذي مات قبل أن يتزوجها. ولكن لا ينبغي للمرأة أن تترك الزواج من أجل ذلك، فهي إذا تزوجت قد يرزقها الله رجلا خيرا من ذلك الشاب، فيكون زوجا لها في الدنيا والآخرة. ثم إن الزواج تعتريه الأحكام التكليفية، ومن ذلك أنه قد يكون واجبا، وذلك في حق من يخشى على نفسه الفتنة وقدر عليه، كما سبق بيانه بالفتوى رقم: 3011.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني