الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف يعدل المسافر بين زوجتيه في المبيت

السؤال

هذا السؤال إكمال للسؤال رقم: 2317490، وأنه ما دام ليس بيننا ولد فله الحق أن يطلقني، لأنني لن أخسر شيئا أو أطلقها، لأن من حقها أن ترفض زواجه بأخرى وترفض العيش في هذا الأمر، فأنا حافظة لكتاب الله، أعلم أنه إذا استعصى علينا أمر فعلينا بقول الله: فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ـ وأنا لا أعلم ولا أظن أن أيا منا هو أو هي يعلم، ولا أريد أن نتبع الهوى فنظلم أو نظلم، أعلم أن مدة زواجي 4 أشهر ليست طويلة رغم أنها تمر علي بالثواني فلا تنجلي، لكن زوجي من النوع الذي إذا لم تحركه لا يتحرك وإذا لم تنبهه لم ينتبه، وإذا رضيت بأمر فلا بد أن ترضى به إلى النهاية ما دمت به من البداية رضيت، وهي الآن تقول إني سأخرب بيتها وسآخذ زوجها فيهملها وسأشرد أولادها، وأستنفد أمواله التي كانت لها ولولدها ٍسبحان الله، لذا فهي الآن تجعله يبذل كل شيء ليبرهن لها أن هذا لن يحدث حتى لو كان هذا على حسابي، ويقول لي اصبري فأنت أكثر ثقافة وتفهما، لكنه يهملني وأنا ما زلت أحتاج إلى من يرعاني وأنا وحدي جديدة في بيت وحياة ليست لي بها خبرة، والآن سافرت لقضاء 3 أشهر في بلدها لبنان بالأولاد، وقضى معي حين رحلت عنه 25 يوما ثم تركني ليذهب إلى عمله في أمريكا، وقال إن عمله لن يجعله يأتي إلا لفترة لا أدري كم مداها، والآن أخبرني أنه ذاهب لقضاء أسبوع معهم في لبنان ثم سيعود إلى عمله رجوته أن لا يجعلني أقضي أول عيد وحدي، لكنه قال إنه يفطر في العمل في رمضان، وفي العيد يجعلهم يحتفلون به في المركز الإسلامي، ويكون هو في العمل، لذا فهي ترى أيضا أنه لا يحق له أن يأتيني في رمضان ويفطر معي أو يقضي العيد، كما يرى أن الأيام التي تقضيها عند أهلها لا تحسب لها من أيامها، الله بيني وبينهم، والله شهيد على ما أقول، فلم أفتر كذبا ولم أبالغ بحرف، وقد سردت ما هو واقع دون زيادة أو نقصان؛ لذا فما القسمة الحق في حالتنا هذه؟ وكيف العدل في المبيت والنفقة؟ علما بأنه ولله الحمد مقتدر حتى نعلمها جميعا فنرضى بما لنا وما علينا طالما هذا هو شرع ربنا وما كان لنا الخيرة في أمرنا إذا قضى الله أمرا، فأنا حتى الآن صامتة، لكنني أرى أن صمتي يزيد أفعالها، وأراه يتقبل ذلك ويرى الحق معها، لكنني أعلم أن أفضل ميزة فيه أنه إذا ذُكَر تذكر ودائما يقول: وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين ـ لا أريد أن يأتي يوم القيامة وشقه مائل، ولا أريد أن يكون زوجي سيء الخلق، أريد أن أعلمه كيف العدل فينا لنحيا سالمين. وأعلم أنه ـ بإذن الله ـ يرجع إلى الحق مادام كان جاهلا به. وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا يخفى أن ترك توثيق عقد الزواج قد تترتب عليه مفاسد عظيمة، وتضيع بسببه حقوق شرعية خطيرة كالنسب والإرث، وعليه فلا ينبغي التهاون في هذا الأمر.

أما بخصوص العدل الواجب على الزوج في القسم بين زوجاته فهو في المبيت، قال ابن قدامة: وعماد القسم الليل. اهـ

فلا يجوز للزوج أن يبيت عند زوجة أكثر من الأخرى بغير رضاها ـ سواء كانت الزوجات في بلد واحد أو بلاد مختلفة ـ فالواجب على الزوج أن يقيم مع كل زوجة قدر ما يقيم مع الأخرى، إلا أن تسقط إحداهن حقها في القسم، قال ابن قدامة: فإن كان امرأتاه في بلدين فعليه العدل بينهما، لأنه اختار المباعدة بينهما فلا يسقط حقهما عنه بذلك، فإما أن يمضي إلى الغائبة في أيامها وإما أن يقدمها إليه ويجمع بينهما في بلد واحد، فإن امتنعت من القدوم مع الإمكان سقط حقها لنشوزها، وإن أحب القسم بينهما في بلديهما لم يمكن أن يقسم ليلة وليلة فيجعل المدة بحسب ما يمكن كشهر وشهر وأكثر أو أقل على حسب ما يمكنه وعلى حسب تقارب البلدين وتباعدهما.

وانظري الفتوى رقم: 132849.

وعلى ذلك، فالواجب على زوجك أن يعدل بينكما في المبيت إلا أن ترضى إحداكما بإسقاط بعض حقها للأخرى فلا حرج على الزوج حينئذ في مبيته عند زوجة أكثر من الأخرى، وإذا سافرت الزوجة بإذن زوجها لزيارة أهلها فبعض العلماء يرى أن حقها في القسم لا يسقط فيقضي الزوج لها تلك الأيام بعد رجوعها من السفر، قال المرداوي: وإن سافرت لحاجتها بإذنه فعلى وجهين، أحدهما سقوط حقها من القسم والنفقة وهو المذهب والوجه الثاني: لا يسقطان. اهـ
وأما بخصوص النفقة: فلا تشترط التسوية، وإنما الواجب على الزوج أن يوفي كل زوجة حقها وينفق عليها بالمعروف، قال ابن قدامة: وليس عليه التسوية بين نسائه في النفقة والكسوة إذا قام بالواجب لكل واحدة منهن قال أحمد في الرجل له امرأتان: له أن يفضل إحداهما على الأخرى في النفقة والشهوات والكسى إذا كانت الأخرى في كفاية ويشتري لهذه أرفع من ثوب هذه وتكون تلك في كفاية. اهـ

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني