الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

يستحب لمن حضر الدفن أن يحثي على القبر

السؤال

نحن في بلدنا عند ما ندفن الموتى يتم حفر القبر واللحد ثم يوضع فيه الميت، ثم يشارك الجميع في صب التراب في الحفرة.
السؤال: هل على كل الناس الذين حضروا أن يصبوا التراب في القبر أم يقوم به البعض ويكتفي الآخرون بالحضور فقط؟
وهل الذين لم يشاركوا في صب التراب في الحفرة يعتبرون من الذين اتبعوا الجنازة والذين لهم مقدار جبل أحد من الأجر؟
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنرجو أن ينال كل من حضروا الدفن ولم يحثوا التراب أجر القيراطين المذكور في حديث الصحيحين عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من شهد الجنازة حتى يصلي فله قيراط، ومن شهد حتى تدفن كان له قيراطان. قيل: وما القيراطان؟ قال مثل الجبلين العظيمين.

وفي صحيح مسلم مرفوعا : من خرج مع جنازة من بيتها وصلى عليها ثم تبعها حتى تدفن كان له قيراطان من أجر، كل قيراط مثل أحد، ومن صلى عليها ثم رجع كان له من الأجر مثل أحد.

وذلك لأن الأجر هنا إنما علق بالحضور فقط ولم يذكر في الحديثين المشاركة في الدفن.

ولكنه قد نص أهل العلم على استحباب الحثو في القبر ثلاثا، فينبغي لكل من استطاع ذلك أن يحرص على فعله؛ لما في المصنف لابن أبي شيبة : قال أبو الدرداء : من تمام أجر الجنازة أن يشيعها من أهلها، وأن يحمل بأركانها الأربع، وأن يحثو في القبر. اهـ

وفي المغني لابن قدامة : روي عن أحمد أنه حضر جنازة , فلما ألقي عليها التراب , قام إلى القبر , فحثى عليه ثلاث حثيات , ثم رجع إلى مكانه. وقال: قد جاء عن علي وصح, أنه حثى على قبر ابن مكفف. وروي عنه أنه قال : إن فعل فحسن , وإن لم يفعل فلا بأس . ووجه استحبابه ما روي { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى على جنازة , ثم أتى قبر الميت من قبل رأسه , فحثى عليه ثلاثا . } أخرجه ابن ماجه . وعن عامر بن ربيعة { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى على عثمان بن مظعون فكبر عليه أربعا , ثم أتى القبر فحثى عليه ثلاث حثيات وهو قائم عند رأسه.}. رواه الدارقطني . وعن جعفر بن محمد عن أبيه , { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حثى على الميت ثلاث حثيات بيديه جميعا }. أخرجه الشافعي في مسنده . وفعله علي رضي الله عنه . وروي عن ابن عباس , أنه لما دفن زيد بن ثابت حثى في قبره ثلاثا , وقال : هكذا يذهب العلم. اهـ.

وقال النووي في المجموع : يستحب لكل من على القبر أن يحثي عليه ثلاث حثيات تراب بيديه جميعا بعد الفراغ من سد اللحد, وهذا الذي ذكرته من الحثي باليدين جميعا نص عليه الشافعي في الأم, واتفق الأصحاب عليه. وممن صرح به شيخ الأصحاب الشيخ أبو حامد، والماوردي والقاضي أبو الطيب، وسليم الرازي والبغوي وصاحب العدة وآخرون. قال القاضي حسين والمتولي وآخرون : يستحب أن يقول في الحثية الأولى { منها خلقناكم } وفي الثانية { وفيها نعيدكم } وفي الثالثة { ومنها نخرجكم تارة أخرى }. وقد يستدل له بحديث أبي أمامة رضي الله عنه قال : { لما وضعت أم كلثوم بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في القبر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى }. رواه الإمام أحمد من رواية عبيد الله بن زحر عن علي بن زيد بن جدعان عن القاسم, وثلاثتهم ضعفاء , ولكن يستأنس بأحاديث الفضائل وإن كانت ضعيفة الإسناد ويعمل بها في الترغيب والترهيب , وهذا منها. والله أعلم . اهـ

ومثل هذا جاء في بعض كتب المالكية والحنفية.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني