الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

ماتت أمي سنة: ٢٠١١، ومات أبي منذ شهور، ودفنته في نفس قبر أمي، وكل إنسان أعرفه قال لي إنه يجوز لك دفنهما مع بعض، فالمهم أن يكون بين الميت، والميت سبع سنوات، أو أكثر، وعندما بحثت وجدتهم يقولون لا يجوز دفن ميت مع آخر، إلا عند الضرورة، والآن لا أعلم ماذا أفعل؟ ولا أدري.... هل وضعوا ترابا بينه وبين أمي عند الدفن؟ وبعد الدفن بأيام سألت أقاربي الذين وضعوه في قبره، فقالوا لي إنهم راكموا عظام أمي بجانب رجلي أبي، وأنا الآن على وشك الانهيار عندما قرأت اليوم أنه يجب عدم دفنهما مع بعض، فماذا أستطيع أن أفعل؟ وهل سيعذبان في قبرهما بسببي؟ فأنا خائف مما فعلت، ولا أدري ما مصيرهم؟ وهل أنا من أعاقب، وهما -إن شاء الله- لا دخل لهما..؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالأصل أنه لا يجوز دفن ميت آخر في القبر، لا معه، ولا بعده، ولا يجوز فتح القبر، ونبشه لدفن غير الميت فيه، هذا هو الأصل، كما بيناه في الفتوى: 245584

قَالَ ابن الحاج المالكي: اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الْمَوْضِعَ الَّذِي يُدْفَنُ فِيهِ الْمُسْلِمُ: وَقْفٌ عَلَيْهِ، مَا دَامَ شَيْءٌ مِنْهُ مَوْجُودًا فِيهِ، حَتَّى يَفْنَى، فَإِنْ فَنِيَ فَيَجُوزُ حِينَئِذٍ دَفْنُ غَيْرِهِ فِيهِ، فَإِنْ بَقِيَ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ عِظَامِهِ فَالْحُرْمَةُ بَاقِيَةٌ لِجَمِيعِهِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُحْفَرَ عَنْهُ، وَلَا يُدْفَنَ مَعَهُ غَيْرُهُ، وَلَا يُكْشَفَ عَنْهُ اتفاقا. انتهى.

فإن دعت لذلك ضرورة جاز، قال ابن حجر في التحفة: ويحرم أيضا إدخال ميت على آخر وإن اتحدا قبل بلا جميعه.... إلا ضرورة بأن كثر الموتى، وعسر إفراد كل ميت بقبر. انتهى.

وحيث دعت الضرورة لذلك، فالأولى دفن الرجل مع الرجال، ويكره دفنه مع النساء، كما بيناه في الفتوى: 146321.

وعليه؛ فقد كان الواجب دفن أبيك في قبر مستقل، وحيث تعذر، فكان الأولى دفنه مع الرجال، وإذ قد وقع ما وقع جهلا منك، فنرجو أنه لا إثم عليك-إن شاء الله- وأما هما: فلا يعذبان بذلك، ولا يتضرران به إن شاء الله.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني