الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المعتوه.. والتكاليف الشرعية

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم
تذكر إحدى الأمهات أن لها ولداً -متخلف عقلياً- قد توفي عن قريب، نسأل الله له المغفرة والرحمة.
وهي الآن تسأل, تقول: ابني لم يكن يصلي, هو لا يعي. فسألتُ إن كان مدركاً ؟ فأجابت بأنه يفهم قليلاً لكنه غير مكلف ! .
سؤالها الآن: هل على ابنها شيء, لأنه لم يكن يصلي, مع العلم أنه حين توفي قد تجاوز السادسة والعشرين سنة.
الوالدة كبيرة في السن, وتود سماع الفتوى, لعل قلبها أن يطمئن.
وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فمن المعلوم أن المجنون والمعتوه غير مكلفين بالصلاة ولا بغيرها؛ لأنهما فاقدان للعقل الذي هو مناط التكليف, فإذا كان ابن تلك المرأة مجنونا أو معتوها، فإنه غير مؤاخذ بترك الصلاة, وكونه يفهم قليلا من الخطاب لا يدل على أنه عاقل إذا كانت أفعاله وأقواله تجري على خلاف أفعال وأقوال العقلاء, فالعته نوع من الجنون وصاحبه عنده شيء من الفهم, ونحن لا يمكننا الحكم على ابن تلك المرأة بعينه هل هو مجنون أو معتوه؟ ولكن الذي يمكننا قوله هو بيان حد العته، ويمكنكم أن تحكموا أنتم هل يصدق عليه بأنه معتوه فيكون غير مؤاخذ بترك الصلاة أم لا؟ فالمعتوه يعرفه الفقهاء بأنه من كان قليل الفهم مختلط الكلام فاسد التدبير؛ كما بيناه في الفتوى رقم: 116952.

جاء في الموسوعة الفقهية: الْعَتَهُ فِي اللُّغَةِ: نُقْصَانُ الْعَقْل مِنْ غَيْرِ جُنُونٍ أَوْ دَهْشٍ, وَفِي الاِصْطِلاَحِ: آفَةٌ تُوجِبُ خَلَلاً فِي الْعَقْل، فَيَصِيرُ صَاحِبُهَا مُخْتَلَطَ الْكَلاَمِ، فَيُشْبِهُ بَعْضُ كَلاَمِهِ كَلاَمَ الْعُقَلاَءِ، وَبَعْضُهُ كَلاَمَ الْمَجَانِينِ. اهــ.
والمعتوه مرفوع عنه التكليف عند الفقهاء، ويجعلونه كالصبي المميز، وقد نص الفقهاء على هذا.

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى: من لا عقل له فإنه لا تلزمه الشرائع، ولهذا لا تلزم المجنون، ولا تلزم الصغير الذي لم يميز، بل ولا الذي لم يبلغ أيضاً، وهذا من رحمة الله تعالى، ومثله أيضاً المعتوه الذي أصيب بعقله على وجه لم يبلغ حد الجنون ... اهــ.
فإذا كان الابن المذكور مجنونا أو معتوها، فإنه لا يؤاخذ على ترك الصلاة، فلتطمئن، ولتعلم أن الله تعالى أرحم بالعباد من أمهاتهم بهم، فهو أرحم الراحمين، وأنه تعالى لا يظلم الناس شيئا، فلتحسن الظن بالله تعالى.

والله تعالى أعلم

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني