الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

رأي العلماء المتقدمين في بطلان الصلاة في الثياب الضيقة

السؤال

في الفتوى:(218371) عن حكم صلاة المرأة بالبنطال الضيق؟ كان الجواب:
(الصلاة صحيحة في الثياب الضيقة إذا كانت لا تصف لون البشرة), وفي الفتوى: (205354) عن حكم صلاة المرأة بملابس ضيقة, مثل ما يسمى بـ: (البدي)؟ كان الجواب: (يكره للمرأة أن تصلي في ثياب ضيقة, تصف حجم العورة، لكن صلاتها صحيحة إذا كان الثوب ساترًا للون البشرة), واستدللتم بقول النووي في المجموع: (فلو ستر اللون، ووصف حجم البشرة, كالركبة، والإلية, ونحوهما، صحت الصلاة فيه لوجود الستر), وأقول: لا يستريح صدري لأن تصلي المرأة في ملابس ضيقة - بدي، إسترتش, ونحوها - حتى ولو كانت المرأة تصلي في بيتها وحدها دون أن يراها أي أحد, قال صلى الله عليه وسلم: "وَالْإِثْمُ مَا حَاكَ فِي الْقَلْبِ، وَتَرَدَّدَ فِي الصَّدْرِ، وَإِنْ أَفْتَاكَ النَّاسُ وَأَفْتَوْكَ!)) صحيح الترغيب، حديث رقم: (1734), وإن كان الأرناؤوط قد ضعفه في تحقيقه للمسند (جزء: 29/ ص 527، 532), وضعفه حسين أسد في تحقيقه للدارمي (جزء:3/ ص1649 )، حديث رقم: (2575), وضعفه حسين أسد في تحقيقه لمسند أبي يعلى (جزء: 3/ ص 160، ص 162), لكن حسنه ابن حجر في تخريج مشكاة المصابيح (جزء3:/ ص 135), كما قال في المقدمة, وحسنه المنذري في الترغيب والترهيب (2/ 184)، (3/ 23), وحسنه النووي في بستان العارفين: (39), وفي تحقيق رياض الصالحين: (254), وفي الأذكار: (504), بل قال النووي في المجموع (9/ 150): إسناده إسناد البخاري, وهذا رابط للشيخ/السحيم
(http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=341)
يقول فيه: (مِن شُروط الصلاة: سَتْر العَورة، وسَتْر العَورة لا يَجزئ فيه ما يَكون ضَيِّقًا يَصِف ما تحته، ولا شَفافًا يَشِفّ عَمَّا تحته ... ولا يَجوز أن تُصلِّي في ملابس ضيِّقة, أو شفافَة: إلا إذا كان فوقها ما يَسترها مِن ثِيَاب, أو عباءة, ونحوها) تقول السائلة: هل يجوز للمرأة أن تصلي في بيتها, وهي تلبس البنطلون, ولا يراها أحد من الرجال الأجانب؟ قال الشيخ حسام الدين عفانة: (نص أهل العلم على أنه يجب على المرأة إذا صلت أن تستر جميع بدنها, ما عدا الوجه والكفين, ومن ضمن شروط لباس المرأة: أن يكون لباسها فضفاضًا غير ضيق, فيصف شيئًا من جسمها), ثم ساق أحاديث وآثارًا تدل على عدم جواز صلاة المرأة بلبس ضيق، ثم قال: (وبهذا يظهر لنا أن: صلاة المرأة في البنطلون، ولو كانت في بيتها لا يراها أحد: غير صحيحة؛ لأنها أخلت بشرط من شروط ستر العورة، وهو: أن يكون لباسها فضفاضًا سابغًا, والبنطلون ليس كذلك, بل هو ضيق ملتصق بلحمها وعظمها, يصف حجم أعضائها! وما ينسب لمذهب الشافعية من جواز صلاة المرأة في الملابس الضيقة غير مُسَلَّم به, بل إن الإمام الشافعي على خلاف ذلك, فقد قال الإمام الشافعي في كتابه الأم: [وإن صلى – أي: الرجل - في قميص يشف عنه: لم تجزه الصلاة, فإن صلى في قميص واحد يصفه ولم يشف: كرهت له, ولا يتبين أن عليه إعادة الصلاة, والمرأة أشد حالاً من الرجل إذا صلت في درع وخمار يصفها! وأحب إليّ أن لا تصلي إلا في جلباب فوق ذلك، وتجافيه عنها؛ لئلا يصفها الدرع] الأم (1/90-91), فانظر إلى حرص الإمام الشافعي على أن يكون الجلباب فضفاضًا واسعًا حتى لا يصف أعضاء المرأة), روابط التأكيد:
(goo.gl/bGAc7J) (goo.gl/EMLwIv) (goo.gl/WKvEam)
ولا شك أن لبس المرأة للبنطلون تحت الإسدال, أو الملحفة, أو العباءة - وليس التونيك - يسترها في الصلاة، خاصة عند السجود.

الإجابــة

الحمد لله, والصلاة والسلام على رسول الله, وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإنا قد ذكرنا طرفًا صالحًا من كلام أهل العلم في هذه المسألة في الفتوى رقم: 120708، وذكرنا فيها كلام الشافعي المذكور, والذي هو واضح الدلالة في صحة الصلاة في الثياب الضيقة إذا كانت ساترة لجميع العورة, مع الكراهة في حق الرجل, وأن هذه الكراهة أشد في حق المرأة، وإنما ذهب إلى إبطال الصلاة في الثياب الضيقة في حق الرجال والنساء بعض العلماء المعاصرين، ولا نعلم قائلًا بهذا من الأئمة المشهورين, والعلماء المتقدمين إلا ما نقل عن أشهب من أن من صلى في السراويل يعيد في الوقت، حكاه الحافظ في الفتح، والمعتمد عند المالكية الكراهة, كما قال خليل في مختصره: وكره محدد.

قال الخرشي: وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ: كَرِهَ مَالِكٌ الصَّلَاةَ فِي السَّرَاوِيلِ, ابْنُ يُونُسَ: لِأَنَّهُ يَصِفُ, وَالْمِئْزَرُ أَفْضَلُ مِنْهُ. انتهى. وكلام العلماء في هذا كثير جدًّا.

ونحن - بحمد الله - لا نقرر إلا ما ينص عليه أهل العلم, ولا نصدر في فتاوانا عن هوى وتشهٍ.

وأما الحديث الذي ذكرته: فإنما محله حيث اشتبه الأمر, ولم يستبن، ثم إن ترك الصلاة في الثياب الضيقة على كل حال أولى وأعظم أجرًا, وهو ما نرشد إليه, وندل عليه.

وأما إبطال الصلاة: فشديد, لا يمكن القول به بلا برهان، ولسنا نثرب على من يخالفنا, أو يبدو له خلاف ما نرجح إذا اعتمد على الدليل, وكان له سلف من أهل العلم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني