الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم صلاة المرأة في الثياب الضيقة

السؤال

قلتم في الفتوى رقم:(232921) أن أثر عائشة - رضي الله عنها -: (لا بُدَّ للمرأةِ من ثلاثةِ أثوابٍ تصلي فيها: دِرع، وجلباب، وخِمار) ـ هذا ليس فيه دليل على اشتراط أن يكون اللباس فضفاضًا؛ إذ لو صلت امرأة في درع وجلباب ضيقين، وليسا فضفاضين ـ مع تغطية رأسها بالخمار ـ فإنها يصدق عليها أنها صلت في ثلاثة أثواب، وأنها فعلت ما لا بد منه، فهل ستقول ببطلان صلاتها حينئذ استدلالًا بأثر عائشة؟!
والخلاصة أننا لم يظهر لنا القول ببطلان الصلاة، ومتى ظهر لنا ذلك، فإننا سنقول به، ولن نتردد؛ لأن الحق هو ضالتنا, ونسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياك إلى الحق، ويعفو عن زللنا وتقصيرنا، وأقول بداية: - غفر الله لي ولكم - إن السؤال كان فيه: ومن ضمن شروط لباس المرأة (يعنى: في الصلاة) أن يكون لباسها فضفاضًا (أي: واسعًا) غير ضيق، فيصف شيئًا من جسمها ـ ثم استدل بحديث، وآثار تدل على وجوب أن تصلي المرأة في ثياب واسعة، وأصرح دليل منها (أي: على وجوب صلاة المرأة في ملابس واسعة لا تشف، طويلة للقدمين) قول عائشة: لا بُدَّ للمرأةِ من ثلاثةِ أثوابٍ تصلي فيها: دِرع، وجلباب، وخِمارـ وكانت عائشة تحل إزارها، فتتجَلبب به ـ أخرجه ابن سعد 8ـ 71ـ بإسناد صحيح على شرط مسلم، كما قال الألباني في جلباب المرأة المسلمة: ص134ـ كانت عائشة تفعل ذلك؛ لئلا يصفها شيء من ثيابها (أي: لئلا يكون لبسها في الصلاة ضيقًا يصف شيئًا من جسدها). قال الألباني: وقولها: لا بد ـ دليل على وجوب ذلك ـ جلباب المرأة المسلمة: ص135ـ وأكد الشيخ حسام الدين عفانة قول الألباني: لا بُدَّ ـ دليل على وجوبه، وهذا يناقض قولكم: (هذا ليس فيه دليل على اشتراط أن يكون اللباس فضفاضًا، إذ لو صلت امرأة في درع وجلباب ضيقين، وليسا فضفاضين ـ مع تغطية رأسها بالخمار ـ فإنها يصدق عليها أنها صلت في ثلاثة أثواب، وأنها فعلت ما لا بد منه، فهل ستقول ببطلان صلاتها حينئذ استدلالًا بأثر عائشة)؟!

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، ومن والاه، أما بعد:

فلم يظهر لنا التناقض المزعوم بين ما قلناه، وبين أثر عائشة - رضي الله عنها - فأثر عائشة- رضي الله عنها- ليس فيه أنها لو صلت في ضيق بطلت صلاتها، ولا أنه لا بد من صلاتها في ثلاثة أثواب فضفاضة, وإنما فيه: لا بد أن تصلي في ثلاثة أثواب ... إلخ , ولم تقل عائشة واسعة، أو ضيقة، وقد سألناك: هل لو صلت في ثلاثة أثواب ضيقة يصدق عليها ما ورد في أثر عائشة أم لا؟ الجواب: نعم، ولا شك, فمن أين يؤخذ حينئذ اشتراط الواسع من الثياب, فليس في أثر عائشة الذي تدندن حوله دليل على أن الصلاة تبطل في غير الفضفاض.

ثانيًا: الإمام الشافعي نفسه، كلامه يدل على عدم الوجوب، فقد قال: وأحب إليّ ألا تصلي إلا في جلباب فوق ذلك، وتجافيه عنها لئلا يصفها الدرع.

وهذا يعني أن صلاتها كذلك هي أحب إليه، فهو ظاهر في أن هذا يستحب، ولا يجب عنده, مع أنه أورد أثر عائشة - رضي الله عنها - ولم يفهم منه الاشتراط الذي فهمته, وكذا فقهاء الشافعية على اختلاف العصور لم يفهموا من كلام الشافعي ذلك الاشتراط.

فإن كان عند الأخ السائل دليل غير هذا، فنرجو أن يفيدنا به، وإلا فله أن يقلد من يشاء من أهل العلم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني