الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ليس الاقتراض بالربا هو الطريق الوحيد لمن تعسرت عليه الأمور

السؤال

أنا شريك في شركة تعتمد في تمويلها على البنوك الربوية والشركة الآن متعثرة وليس أمامي طريق إلا المزيد من الاقتراض بالفوائد .. علما بأني قد تتدمر حياتي وحياة طفلتي الوحيدة إذا لم أتصرف بسرعة وقد يكون مصيري السجن... برجاء الرد بسرعة

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فاعلم - وفقك الله وفرج كربك - أن التعامل بالربا من أكبر الكبائر، وأعظم المحرمات، وقد ذكر الله تعالى في كتابه لآكل الربا خمسًا من العقوبات:
أحدها: بينه الله فقال: لا يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ [البقرة:275].
قيل معناه: ينتفخ بطنه يوم القيامة، بحيث لا تحمله قدماه، وكلما رام القيام يسقط فيكون بمنزلة الذي أصابه مس من الشيطان.
والثاني: المحق، قال الله تعلى: يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبا [البقرة:276].
والثالث: الحرب، قال الله تعالى: فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ [البقرة:279].
والرابع: الكفر إذا كان مستحلاًّ للربا، قال الله تعالى: وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ [البقرة:276].
والخامس: الخلود في النار، قال الله تعالى: وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [البقرة:275].
وقد ثبت في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن آكل الربا وموكله.
واعلم أنه لا يجوز لك أن تقترض بالربا لتتجاوز الأزمة التي تتعرض لها؛ لأن المال المقترض بالربا لا يبارك الله فيه، بل يمحق بركته، كما في الآية المتقدمة: يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ [البقرة:276].
فبه تتضاعف الخسارة ولا تجبر كما قد تظن، وبه تتراكم عليك الديون، ولهذا أوصيك بدلاً من ذلك أن تلجأ إلى الله، وهو القائل جلا وعلا: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ [البقرة:186].
وأن تكثر من التوبة والاستغفار، قال صلى الله عليه وسلم: من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجًا، ومن كل همٍّ فرجًا، ورزقه من حيث لا يحتسب. رواه أبو داود.
وأن تكثر من الدعاء، لا سيما ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في سنن أبي داود عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم المسجد، فإذا هو برجل من الأنصار يُقال له أبو أمامة، فقال: يا أبا أُمامة مالي أرَاك جالِسًا في المسجد في غير وقت صلاة ؟ قال: هموم لزمتني وديون يا رسول الله، قال: أفلا أُعلمك كلامًا إذا قلته أذهب الله همَّك وقضى عنك دينك ؟ قلت: بلى يا رسول الله، قال: قل إذا أصبحت وإذا أمسيت: اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال، قال: ففعلتُ ذلك، فأذهب الله تعالى همي وقضى عني ديني.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني