الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما يشرع في الوصية وما لا يشرع

السؤال

أريد كتابة وصية ولا أعلم كيف؟ فعندي 100 غ ذهبا تقريبا، و 100 دولار، وعندي أخت وأخوان غير متزوجين، ووالداي، وأخوال، وأعمام كثر، ومنهم خالان فقيران، وأريد أن أقرض الله نصف ما لدي في رمضان ـ إن شاء الله ـ للفقراء واليتامى والمساكين وإفطار الصائمين.... ولكن إن توفيت قبل ذلك، فهل أستطيع أن أكتب في الوصية نصفه لله ونصفه لكم؟ علما بأنني لا أستطيع التصدق الآن لبعض الظروف، وهل أستطيع أن أهب النصف لله وأنا لا زلت على قيد الحياة، بأن أقول لأمي أن تعطي النصف للفقراء... والباقي لكم؟.
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فقد ذكرنا في عدة فتاوى أن الأفضل لغير الغني أن لا يوصي بشيء من ماله، وأن الأفضل أن يتركه لورثته، وأن الوصية إنما تستحب في حق الغني، كما في الفتوى رقم: 127862.

فإذا كنت لا تملكين من المال إلا ما ذكرته في السؤال، فإنه ليس بالمال الكثير ولا يستحب لك أن توصي بشيء، بل الأفضل أن تتركيه لورثتك من بعدك، وإذا أردت أن توصي فلك أن توصي بما لا يزيد عن الثلث، لقول النبي صلى الله عليه وسلم لسعد ـ رضي الله عنه ـ لما أراد أن يوصي بشطر ماله:.. الثُّلُثُ يَا سَعْدُ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ، إِنَّكَ أَنْ تَذَرَ ذُرِّيَّتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ... الحديث، متفق عليه.

وعلى هذا، فإنه لا يشرع لك أن توصي بنصف مالك، والوصية بأكثر من الثلث لا تستحب حتى للغني فكيف بالفقير، بل بعضهم لا يستحب له أن يستوعب الثلث بالوصية، قال ابن قدامة في المغني: وَالْأَوْلَى أَنْ لَا يَسْتَوْعِبَ الثُّلُثَ بِالْوَصِيَّةِ وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا، لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ ـ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَوْ أَنَّ النَّاسَ غَضُّوا مِنْ الثُّلُثِ، فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: الثُّلُثُ كَثِيرٌ ـ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَقَالَ الْقَاضِي، وَأَبُو الْخَطَّابِ: إنْ كَانَ غَنِيًّا اُسْتُحِبَّ الْوَصِيَّةُ بِالثُّلُثِ، وَلَنَا، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِسَعْدٍ: وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ ـ مَعَ إخْبَارِهِ إيَّاهُ بِكَثْرَةِ مَالِهِ، وَقِلَّةِ عِيَالِهِ، فَإِنَّهُ قَالَ فِي الْحَدِيثِ: إنَّ لِي مَالًا كَثِيرًا، وَلَا يَرِثُنِي إلَّا ابْنَتِي. اهـ.
وأما هل لك أن تتصدقي بنصف مالك وأنت حية؟ فالجواب: يجوز للبالغ الرشيد غير المحجور عليه بمرض مخوف ونحوه أن يتصدق بنصف ماله، وقد تصدق عمر ـ رضي الله عنه ـ بنصف ماله، وتصدق أبو بكر بماله كله، وانظري المزيد عن الصدقة بنصف المال وبالمال كله في الفتوى رقم: 114410.
وقولك لأمك: أن تعطي نصف مالك ـ أو نحوه إن كنت تعنين به بعد موتك فهذه وصية وليست صدقة منجزة.
وأما عن كيفية صياغة الوصية أو كتابتها: فانظري لها الفتوى رقم: 147919.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني