الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مسائل فيمن عليها قضاء أيام من سنوات عديدة بسبب الحيض

السؤال

لم أقم بقضاء الأيام التي أفطرتها في رمضان بسبب الحيض منذ أول رمضان صمته إلى يومنا هذا، لأنني في البداية لم أكن أعلم بوجوب القضاء، وبعد معرفتي منذ سنوات ثقل علي الأمر، فماذا علي أن أفعل؟ علما بأنني صمت 13 سنة، وأيام الحيض عندي 8 أيام، فكيف أحسب الأيام التي علي قضاؤها؟ وإن كانت شهورا، فكيف أقسمها، ليسهل علي قضاؤها؟ وهل علي كفارة؟ أرجوكم أفتوني بكل ما علي فعله لكي أكفر عن هذه الذنوب، جزاكم الله عني كل خير.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فيلزمك قضاء الأيام التي أفطرتها، وحسابها يسير، فطالما أن العادة 8 أيام منتظمة، فعليك صوم 8*13=104 أيام.

وأما إن كانت حيضتك غير منتظمة، فقد بينا الواجب فعله في الفتوى رقم: 123312.

وما دمتِ تقدرين على القضاء، فهو الواجبُ عليك ولو كان ذلك يشق عليكِ، ما دامت المشقة محتملة، ويمكنك تفريق أيام القضاء، أو تأخيره إلى زمن الشتاء، إذا كان صوم الأيام الطويلة يضر بكِ، فإذا كنتِ عاجزة الآن عن القضاء لمرض وكان مرضك مما يُرجى برؤه، فإنكِ تنتظرين حتى تشفين من مرضك، ثم تقضين جميع تلك الأيام، ويمكن أن تقسمي الأيام بحيث لا يجيء شهر رمضان، إلا وقد فرغت من قضائها، فإنه لا يجوز تأخير القضاء إلى مجيء شهر رمضان، كما بينا في الفتوى رقم: 126452.

وإذا حرم تأخير القضاء إلى ما بعد رمضان، فكيف بمن مرت عليه رمضانات، ولم يقض؟ّ! جاء في الروض المربع ممزوجا بالزاد: ويستحب القضاء ـ أي قضاء رمضان ـ فورا متتابعا، لأن القضاء يحكي الأداء، وسواء أفطر بسبب محرم أو لا، وإن لم يقض على الفور وجب العزم عليه، ولا يجوز تأخير قضائه إلى رمضان آخر من غير عذر، لقول عائشة: كان يكون علي الصوم من رمضان فما أستطيع أن أقضيه إلا في شعبان لمكان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ متفق عليه، فلا يجوز التطوع قبله ولا يصح، فإن فعل ـ أي أخره بلا عذر ـ حرم عليه، وحينئذ فعليه مع القضاء إطعام مسكين لكل يوم ما يجزئ في كفارة، رواه سعيد بإسناد جيد عن ابن عباس، والدارقطني بإسناد صحيح عن أبي هريرة وإن كان لعذر، فلا شيء عليه. انتهى.

ومعلوم أن متابعة الصيام يسهله، ولعلك لو سردت صوم هذه الأيام متتابعة، لن تجدي كبير مشقة ـ إن شاء الله ـ لا سيما في الزمان المعتدل، وتلزمك التوبة من تأخير القضاء في الوقت الذي علمت فيه وجوب القضاء، وتلزمك الكفارة الصغرى إن كنت تعلمين حرمة التأخير حتى يدخل شهر رمضان، وهي مد من طعام لكل يوم، وهو ما يعادل 750 جراماً تقريبا عن كل يوم، لأن الواجب على من فاته شيء من صيام رمضان ألا يؤخر قضاءه، فإن أخره من غير عذر حتى دخل رمضان آخر أثم ولزمه مع القضاء كفارة، ولا تتعدد الكفارة بتعدد التأخير، كما أسلفنا في الفتوى رقم: 19829.

وأما ما أخرت قضاءه قبل معرفة وجوب القضاء، أو قبل معرفة حرمة التأخير: فلا شيء عليك فيه غير القضاء، وانظري الفتوى رقم: 185691، وتوابعها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني