الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الجمع بين قضاء الفوائت وقيام الليل

السؤال

أريد أن أسأل عن الصلاة.
بلغت في حوالي السنة 11، وكنت بعدها أصلي أحيانا، وأترك أحيانا، لكن أغلب الوقت لا أصلي، إلى أن بلغت 21، وأصبحت مداومة عليها والحمد لله، وأنوي قضاء 10 سنوات كاملة للاحتياط، لكني تكاسلت عنها، وأبلغ اليوم من العمر 35 سنة، ولم أتزوج، وأنا أدعو الله بتيسير الزواج منذ سنة ونصف، ثم قررت منذ 6 أشهر أن أقوم الليل بنية الدعاء بتيسير زواجي؛ لما علمت أنه وقت مستجاب.
ففي الشهر الأول كنت أنهض نصف ساعة قبل الفجر، أصلي فيها، وأدعو الله كثيرا، وبإلحاح، وبكاء، وبالدعاء المأثور، إلى أن يؤذن الفجر، ثم أحسست أني لا أقوم لله إلا من أجل مصالحي، وليس للذكر والتقرب إليه، فاستغفرت ربي، وقررت منذ الشهر الثاني أن أنهض ساعة، أو ساعة ونصف ساعة، قبل الفجر أمضيها كلها في الصلاة، فأصلي 8 ركعات: مثنى، مثنى. وفي كل ركعة أصلي نصف حزب من القرآن، قراءة من المصحف، حتى أكمل 4 أحزاب في كل ليلة، بنية التقرب إلى الله، والاستغفار، ونيل جزاء الصلاة، وختم القرآن، وأحسست بلذة، وفرحة في ذلك لدرجة أنني أنسى أن أدعو بالزواج، أو أدعو له دعاء خفيفا، بل أصبحت أخشى أن أتزوج، ولا أستطيع المداومة على قيام الليل، والختم، وختم القرآن هكذا يستغرق ساعة، أو ساعة ونصف ساعة، خلال 15 ليلة، وأحيانا 18 ليلة، كل هذا لأجمع بين نية التقرب إلى الله، وحسنات قيام الليل، وختم القرآن، واستجابة الدعاء، ونويت أن أجعل الأيام المتبقية من الطهر، أي 3 أو 5 ليالي لقضاء ما فاتني من الصلاة، مع أداء قيام الليل بسور قصيرة من القرآن، لكنني لم أستطع؛ لأني أجد نفسي متعبة، فلا أقوم الليل في الأيام الأخيرة إلا مرة، أو مرتين، وبسور قصيرة؛ لأني أنوي الإطالة في الصلاة في الطهر الموالي، ولحد اليوم لم أقض شيئا من الصلاة.
أسئلتي هي:
1/ هل قيام الليل بهذه الطريقة صحيح؟
2/ هل قيام الليل مقبول، وأنا على دين صلاة، فالأولى أن أبدأ وأهتم بالقضاء؟
3/ هل أولى لي أن أصلي قيام الليل بسور قصيرة، وأجعل الوقت المتبقي لقضاء الصلاة (مع العلم أنني لا أستطيع القيام أكثر من ساعة، أو ساعة وربع ساعة) فأفوت على نفسي ختم القرآن في كل طهر؛ لأني نويت، وأسعى لختم القرآن في الصلاة خلال كل فترة طهر من كل شهر، وأحس بفرحة كبيرة عندما أختم القرآن في كل طهر.
4/ أحيانا أصلي ركعتين بعد الثمانية، أجعلهما للدعاء بتيسير الزواج؛ لأني أريد أن أخصص الثماني للتقرب إلى الله، والاستغفار فقط.
5/ أصلي الشفع بركعتين، والوتر بواحدة بعد الانتهاء من قيام الليل.
فهل هذا صحيح (مع العلم أني لا أصليهما بعد العشاء)؟
6/ غالبا بعد أداء 6 ركعات، تتحرك أمعائي، وأحس بالغازات، ورغبة في التغوط.
فهل إذا فصلت الركعتين الأخيرتين عن الستة الأولى، ينقص الأجر أي هل يجب لتمام أجر قيام الليل، أن تكون كل الأربع صلوات (8 ركعات) متوالية، على ألا يفصل بينهما إلا الاستغفار، أو الذكر، أو الدعاء ولا شيء آخر؟
آسفة على الإطالة.
جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

أولا: قد وضعنا تنبيها في صفحة إدخال السؤال، ذكرنا فيه: أنه يرجى إرسال سؤال واحد فقط في المساحة المعدة لذلك ـ نص السؤال ـ وأن الرسالة التي تحوي أكثر من سؤال، سيتم الإجابة عن السؤال الأول منها فقط، وإهمال بقية الأسئلة؛ فلأجل ذلك سنجيب عن سؤال واحد فقط بشيء من الاختصار، وللسائلة أن ترسل بقية أسئلتها متفاوتة، ليتم الجواب عن كل واحد منها على حدة.

ثانيا: بما أن أسئلتك بعضها متداخل ومتشابك، فسنجيب عما نراه الأهم في أسئلتك، فنقول: إن قيام الليل سنة مؤكدة، وقضاء الفوائت فرض، عند جمهور أهل العلم، فهو- إذن- مقدم على قيام الليل الذي هو نافلة, وانظري الفتوى رقم: 127606, ورقم: 173331

وعليه؛ فما دام في ذمتك فوائت من الصلوات لم تصليها، فإن الأولى أن تشتغلي بقضائها، ولا مانع من أن تجمعي مع ذلك نية قيام الليل، إن كان قضاؤك في الوقت ما بين صلاة العشاء، وطلوع الفجر؛ إذ يرى بعض أهل العلم بأن قيام الليل يتأدى بقضاء الفوائت.

جاء في حاشية البجيرمي من كتب الشافعية: عند الحديث عن قيام الليل: يحصل بفرض ولو قضاء، أو نذرا، ونفل مؤقت كذلك ولو سنة العشاء أو الوتر، حيث كان بعد فعل العشاء وبعد نوم، ولو كان النوم في وقت المغرب. اهـ.

وكيفية قضاء الفوائت الكثيرة التي لا يعلم عددها، مبينة في الفتوى رقم: 70806

وراجعي بشأن فضل قيام الليل، وبعض الأحكام المتعلقة به، الفتوى رقم: 158493، ورقم: 263932

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني