الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم تنازل الأخوات عن بعض حقهن في التركة لأخيهن رضا أو حياءً

السؤال

مات جدي وترك ابنين و4 بنات؛ الابن الأكبر هو أبي، كان فلاحًا هو وعمي في الأرض التي تركها جدي منذ حياته وحتى مماته بسنوات كثيرة، ربما 10سنوات. المهم أبي كان يستغل عمي منذ صغره، فعمي يعمل ليل نهار حتى أصبح يخاف منه، حتى فلوس الحلاق لا يقدر أن يطلبها من أبي، وأبي يزعم أنه مكلف بالسوق ليبيع السلعة، ومكلف حتى بالمنزل، كل ما يلزم حتى عماتي، لا أعلم هل هو خوف أم احترام؟!
المهم منذ أن مات جدي لم يطالبوا بحقهم مع أنهم محتاجون، انتظروا حتى أتى الفرج، وطلب منهم أبي أن يعطيهم حقهم، ورفضوا، تصوروا لقد صدمت، لديهم أبناء وفقراء ولا يريدون حقهم. فألح عليهم أبي ووافقوا، لكن أبي لم يقسم التركة كما يجب، فأعطاهم الأرض التي لا تساوي شيئًا، وأخذ الأرض المليحة بدعوى أنهم لا يريدون شيئًا، وحين شك في مقدار الأرض التي أخذ في حقه أتى بالمهندس ووجدها تفوق حساب القسمة بهكتارين، وحين أراد أن يردها إلى عماتي طلب منهن أن يبعنها لأخي، ووافقن.
المشكلة أن أخي اشتراها بالثمن الذي يريد 120000 درهم للهكتار، والهكتار يساوي في المنطقة من 180000 درهم إلى 200000 درهم، وأبي سعد بذلك ورضي.
نحيطكم علمًا أن عماتي محتاجات ولديهن أبناء، وهن اللاتي لا يطالبن بحقهن.
المرجو الإجابة بوضوح.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالأرض إذا كانت أجزاؤها متساوية القيمة، فالأصل فيها أن تجزأ وتقسم بين الورثة، بحسب نصيب كل واحد منهم، وإن كانت أجزاؤها متفاوتة في القيمة -كما هو الحال هنا- فإما أن تقوّم وتباع وتوزع قيمتها على الورثة كل حسب نصيبه، أو يأخذها بعضهم ويعوضون للباقين، أو يستغلونها ويتقاسمون غلتها، وهكذا.

ولكن إذا تراضوا فيما بينهم على قسمة الأرض أيّ قسمة كانت، فلا حرج عليهم في ذلك؛ لأن تلك حقوقهم، ولهم التصرف فيها كيف شاءوا، والمهم هو حصول الرضى الحقيقي من الجميع، وراجع للفائدة الفتوى رقم: 66593، والفتوى رقم: 114454.

وعليه؛ فإذا كان ما حصل من قسمة تم برضا عماتك، وكذا عمك أيضًا، فلا إشكال، وفي هذه الحالة فإن بيعهن أيضًا صحيح ما دمن قد رضين به، وليس لهن الرجوع فيه، وراجع الفتوى رقم: 155319.

وأما إن كن لم يرضين بما حصل من قسمة، وإنما سكتن أو تنازلن عن حقوقهن حياء؛ فإن تنازلهن في هذه الحالة غير معتبر؛ قال ابن مفلح في الفروع: قال ابن الجوزي في المنهاج: وإن أخذ ممن يعلم أنه إنما أعطاه حياء، لم يجز الأخذ، ويجب رده إلى صاحبه. اهـ.

ومن ثم فلا بد من حصول القسمة الصحيحة بما يحقق العدل، ويعطي كل ذي حق حقه، وإذا لم يقبل والدك بالأمر فلعماتك أن يرفعن الأمر للقاضي؛ لينظر في القسمة المناسبة، ويأخذ لهن حقهن منه.

وفي كل الأحوال ينبغي الرجوع للمحكمة للنظر في ملابسات القضية.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني