الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الأنكحة إذا تمت بهذه الصفة باطلة ويجب تجديدها

السؤال

نحن هنا في جمهورية الأديجية، حيث معظم السـكان مسلمون، ولكنهم -كما تعلمون- لا يعرفون دينهم.
والسؤال حول الحكم الشرعي في عقد الزواج السابق، والذي هو عبارة عن عقد يتم من قبل امرأة (قاضية) بحضور شـاهد واحد من طرف الزوج وشاهدة واحدة من طرف الزوجة، وحضور عدد من أفراد عائلة الطرفين، وهو بمثابة السجل العدلي، ويسمى بالزاكس، وهو الشكل القانوني في هذه البلاد، وهذا التسجيل يتم في بعض الأحيان باليوم التالي، وأحياناً كثيرة بعد أيام، أو حتى بعد أشهر من الزواج. فما حكم المتزوجين في الماضي؟ وما هو حكم من يعقد هذا العقد في الحاضر ولا يعقد العقد الشرعي الإسلامي؟
أرجو إعلامنا بالفتوى، لكي نقوم نحن بدورنا بتعميمها على المسلمين.
وجزاكم الله خير وأجر هذه الأمة.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فإن النكاح إذا وقع مستكملاً للشروط المطلوبة التي حددها الشرع، فإن ذلك كافٍ، ولا يشترط لصحته تسجيله في السجل المذكور، وإن وقع ذلك من باب التوثيق فلا بأس به. ولتوضيح شروط صحة النكاح تراجع الفتوى: 1766.

أما إذا كان النكاح مقتصرًا على ما يقع في هذا السجل المذكور فإنه باطل، وذلك لأمرين:

الأول: عدم وجود ولي المرأة، لأن النكاح لا يصح بدون ولي عند جمهور أهل العلم. ومن الأدلة على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل(ثلاثًا). رواه أحمد، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه.

وقال ابن قدامة في المغني: النكاح لا يصح إلا بولي، ولا تملك المرأة تزويج نفسها ولا غيرها، ولا توكل غير وليها في تزويجها، فإن فعلت لم يصح النكاح. وقد روي هذا عن عمر وعلي وابن مسعود وابن عباس وأبي هريرة وعائشة رضي الله عنهم، وإليه ذهب سعيد بن المسيب والحسن وعمر بن عبد العزيز وجابر بن زيد والثوري وابن أبي ليلى وابن شبرمة وابن المبارك وعبيد الله العنبري والشافعي وإسحاق وأبو عبيد. وهو مذهب أحمد. وروي عن ابن سيرين والقاسم بن محمد والحسن بن صالح وابن صالح. اهـ.

الأمر الثاني: عدم وجود شاهدي عدل ضمن الحاضرين؛ لأن الإشهاد شرط في صحة النكاح عند الجمهور؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل. رواه الطبراني والدارقطني وابن حبان، وصححه الألباني في صحيح الجامع.

من جهة أخرى؛ فإن جمهور أهل العلم على أن المرأة لا تصلح أن تكون قاضيًّا. قال ابن حجر في الفتح: واتفقوا على اشتراط الذكورة في القاضي إلا عند الحنفية، واستثنوا الحدود، وأطلق ابن جرير، ويؤيد ما قاله الجمهور: أن القضاء يحتاج إلى كمال الرأي، ورأي المرأة ناقص. اهـ.

أما الذين اقتصر في عقود أنكحتهم على ما سبق بيانه من توثيق في السجل المذكور فقط، فعليهم أن يقوموا بتجديد عقود أنكحتهم بالشروط الشرعية، وما حصل من أولاد فهو لاحق بأبيه؛ لأن الحدود تدرأ بالشبهات، ففي المصنف لابن أبي شيبة قال: عمر بن الخطاب: لئن أعطل الحدود بالشبهات أحب إليَّ من أن أقيمها بالشبهات.

ومن القواعد أن كل نكاح قام على شبهة تدرأ الحد لحق الولد الناشئ منه بأبيه، ويجب على كافة المسلمين أن تكون عقودهم موافقة لشرع الله تعالى، وأن يتحاكموا إليه، ويرضوا بما حكم به؛ لأن ذلك علامة على صدق إيمان صاحبه. قال الله تعالى: إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [النور:51].

وقال تعالى: فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً [النساء:65].

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني