الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم قذف الكافر والمسلم الزاني

السؤال

ما حكم قذف الكافر أو الكافرة غير الذميين أو المستأمنين؟ وما حكم قذف المسلم الذي يرتكب الزنا ولم يتب؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالكافر المسالم -ذميًّا كان أو مستأمنًا- لا تجوز أذيته بأي وجه غير شرعي؛ لأنه محترم الدم والعرض والمال؛ وراجع الفتوى رقم : 102639.

وأما قذفه، فحرام ويُعزر فاعله بما يردعه، لكن ليس فيه حد القذف، كما بينا في الفتوى: 226105.

وأما المسلم الذي يرتكب الزنا، ولم يتب منه، فإن كان مجاهرًا به معلنًا عنه، فلا حرج في ذكره به، والتشهير عليه، وفضح أمره بما جاهر به من المعاصي دون ما لم يجاهر به، إذا كان في ذلك مصلحة، أو ردع له عن معصيته؛ قال الحافظ في الفتح: وَقَدْ ذَكَرَ النَّوَوِيُّ أَنَّ مَنْ جَاهَرَ بِفِسْقِهِ أَوْ بِدْعَتِهِ، جَازَ ذِكْرُهُ بِمَا جَاهَرَ بِهِ، دُونَ مَا لَمْ يُجَاهِرْ بِهِ. اهـ. ونقل أيضًا عن ابن العربي وهو يتحدث عن الستر قوله: إِذَا كَانَ مُتَظَاهِرًا بِالْفَاحِشَةِ مُجَاهِرًا، فَإِنِّي أُحِبُّ مُكَاشَفَتَهُ، وَالتَّبْرِيحَ بِهِ؛ لِيَنْزَجِرَ هُوَ وَغَيْرُهُ. اهـ.

وقال ابن رجب الحنبلي في تحرير الفرق بين النصيحة والتعيير: اعْلَمْ أَنَّ ذِكْرَ الْإِنْسَانِ بِمَا يَكْرَهُ إنَّمَا يَكُونُ مُحَرَّمًا إذَا كَانَ الْمَقْصُودُ مِنْهُ مُجَرَّدَ الذَّمِّ وَالْعَيْبِ وَالتَّنْقِيصِ، فَأَمَّا إنْ كَانَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ عَامَّةٌ لِلْمُسْلِمِينَ أَوْ خَاصَّةٌ لِبَعْضِهِمْ، كَانَ الْمَقْصُودُ مِنْهُ تَحْصِيلَ تِلْكَ الْمَصْلَحَةِ، فَلَيْسَ بِمُحَرَّمٍ، بَلْ هُوَ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ. اهـ.

وإن لم يكن المسلم مجاهرًا بمعصيته، فإنه ينكر عليه، وينصح، ويستر، وانظر الفتوى: 21816.

ومن قذفه -والحالة هذه- بدون الإتيان بالبينة الواردة في القرآن الكريم -وهي: أربعة من الشهود الذين ثبت لديهم الأمر، فإنه يستحق بذلك حد القذف؛ ثمانين جلدة؛ قال الله تعالى: لَوْلا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ [النور:13]،

هذا، وننبه إلى أن من صفات المسلم الحسنة التي ينبغي له أن يتحلى بها دائمًا مع كل الناس أن يحفظ لسانه إلا من خير، فليس من شأن المسلم تتبع عورات الناس، وذكر معايبهم، والتشهير بهم، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس المؤمن بالطعان، ولا اللعان، ولا الفاحش، ولا البذيء. رواه الترمذي، وأحمد، وصححه الألباني.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني