الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الذهاب للسحرة لفك السحر

السؤال

أنا واقع في مشكلة كبيرة، لم أجد لها حلا منذ سنوات.
أنا شاب قاربت على الثلاثين، ولا ينقصني أي شيء بفضل الله.
تقدمت لما يقارب مائة فتاة لسنوات كثيرة، ورفضت الجميع إلا أربع فتيات، وللأسف الفتيات الأربع هن من رفضنني، وأفاجأ في المرة الثانية أو الثالثة للمقابلة بالرفض مع كل فتاة، مع علمي المسبق بموافقتهن ورغبتهن في الارتباط بي، لكن لا أعرف ما يحدث عند الرد النهائي.
أحد الأصدقاء المقربين سأل -بدون علمي- أحد الأشخاص الذين لهم علاقة بالسحر، وقال لصديقي تفاصيل عني، وبياناتي واسمي، وكل شيء عني بالتفصيل الممل، وقال إني مسحور بتعطيل الزواج، مع العلم أن مكان هذا الرجل يبعد عني آلاف الكيلومترات، ولا يعرفني ولا أعرفه، ولكن ما قاله عني حقيقي جدا من معلومات دقيقة جدا لا يعلمها الكثيرون. وقال لصديقي إنه على استعداد لفك السحر بدون أي مقابل.
طبعا رفضت؛ لما في الأمر من ذنب كبير يصل إلى الشرك. وذهبت إلى شيوخ فضلاء للرقية الشرعية، واستعملت كل ما هو مباح شرعا لفك السحر من أذكار ورقية، وماء مقروء عليه آيات قرآن وورق سدر، وأذكار يومية وسورة البقرة وقرآن، ولكن بعد كل ذلك تقدمت لفتاة، وما وصلني هو فرحتها وموافقتها علي، ولكن عند الرد النهائي رفضت.
أنا الآن في حيرة كبيرة: هل أذهب للسحرة، وأسأل الله أن يغفر هذا الذنب، أم أظل على ما أنا فيه، مع العلم أنه كلما طالت فترة مكوثي بدون زواج، أضطر لمشاهدة ما لا يرضي الله لتفريغ شهوتي يوميا، لدرجة أنني فكرت في الانتحار في بعض الأوقات.
بالله عليكم قولوا لي ماذا أفعل؟
وهل الذهاب لفك السحر كفر، أو ذنب كبير؟ وماذا أفعل ليذهب الله عني هذا البلاء؟
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنسأل المولى الكريم أن ييسر أمرك، ويفرج كربك، ويرزقك الزوجة الصالحة التي تقر بها عينك. إنه سميع قريب مجيب.

ونوصيك أولا بالتقوى والصبر، فعاقبتهما الخير الكثير في العاجل والآجل، قال تعالى: إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ {يوسف:90}، وللمزيد في فضائل التقوى والصبر، راجع الفتوى رقم: 24800، ورقم: 18103.

ثم احرص على كثرة الدعاء، فربك واسع العطاء، وهو قد أمر عباده بدعائه، ووعدهم بإجابتهم؛ فقال: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ {غافر:60}، وكلما تحققت في الدعاء شروطه وأسباب إجابته، كان أرجى للإجابة، وسبق أن بينا طرفا من ذلك في الفتوى رقم: 119608.

وإن كان حالك ما ذكرت، فهذا قد يغلب جانب الإصابة بالسحر ونحوه كالعين والمس.

والرقية الشرعية من أفضل أسباب علاجها، فاستمر في ذلك ولا تيأس، ولا بأس بأن تستعين ببعض الرقاة الشرعيين من أهل الخير والاستقامة، عسى الله عز وجل أن يسوق إليك الخير عن طريق أحدهم، فإنهم متسببون والشافي هو الله، هذا بالإضافة إلى الاجتهاد من جهتك بتلاوة سورة البقرة، والمحافظة على الأذكار، وخاصة في الصباح والمساء، مع المحافظة على الفرائض، واجتناب الذنوب والمعاصي، فهي من أسباب الحرمان من النعم، وانظر الفتوى رقم: 7970، ورقم: 192009.

وبخصوص حل السحر بسحر مثله، فقد سبق أن بينا الخلاف فيه، وأن هنالك من رخص فيه عند الضرورة، فراجع الفتوى رقم: 18482، وأوضحنا فيها أن الراجح عدم جوازه، وأنه لا ضرورة مع وجود القرآن، فاصبر، وستشفى بإذن الله.

وإننا نربأ بك أن تفكر في الانتحار، فضلا عن أن تقدم عليه، فماذا سيفيدك، بل فيه خسران الدنيا والآخرة، فقد جاء فيه الوعيد الشديد، كما في الفتوى رقم: 10397.

وإن كنت قد قاربت الثلاثين، فهنالك من تجاوز الأربعين ولم يتزوج بعد، فاعتبر بأمثال هؤلاء، فهذا مما قد تتسلى به ويعينك على الصبر، ولا تستسلم للشيطان وخواطره.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني