الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المبالغة في الحب غير محمود

السؤال

أود أن أشكركم على هذا الموقع الذي يفوق الوصف بالممتاز، وأود أن أعرف النصيحة؛ لأني في حيرة وتعب نفسي، لا يعلمه إلا الله.
أنا عمري 29 سنة، ومتزوجة، ولديَّ أولاد، ولديَّ صديقة عمري، وأغلى شخص في حياتي. أنا أحبها جدا جدا، وأعمل أيَّ شيء من غير ما هي تطلبه، بمجرد أني أحس أنها تحتاجه، وأزورها كثيرا، ودامت صداقتنا مدة 12 سنة، وبسببها التزمت بالزي الشرعي، وهي التي دائما تقربني من ربنا، حتى مما تقول، لمجرد أن أسمع صوتها، أو أزورها أحس أني لازم أن أقترب من ربنا.
والحمد لله مهما أصف من حبي لها لن أقدر. لما أجدها متعبة أترك بيتي وأروح لبيتها، وأعمل معها كل الذي تحتاجه، حتى يصل الأمر أني أروح لها كل يوم في مقابل أني أراها مرتاحة.
ولما زوجي يكلمني أن هذا غلط، أخبره ألا يتكلم عنها؛ لأنها بمثابة أختي، والكلام لا يصف ما في قلبي، ولكن حدث ما هو غير متوقع. حيث جاءت عليها فترة ترى أحلاما وكوابيس، وعندما تواصلت مع شيخ قال إنها معمول لها سحر، كنت مدمرة لأنها تأذت، ولكن بدأ كل شيء يتغير. المكالمات قلت، طلبت مني مسح صور أولادها، وألا أتحدث عنها مع أحد، واتهمتني أن زوجي عينه سيئة، ولما عاتبتها، وصارحتها، وقلت لها إني شاكة أني أنا التي آذيتك. قالت لي: إن زوجها منع الزيارات، وأنه يكفي أنها لن تجد أحدا يساعدها في البيت، وأنها شاكة في كل من حولها، انصدمت، وانهرت، وبعدت، وتقطعت العلاقة، وكنت أموت حرفيا، ولما كنت أحاول أتكلم معها، قالت لي: يعني أخرب بيتي من أجل أن أكلمك.
ولكن عندما كنت أحاول أن أبدأ بالصلح كنت أستخير ربنا، ولكن كان يتعطل الصلح، أو الذهاب إلى أهلها، أو حتى مجرد إرسال مقطع صوتي لها بأني أعاتبها، كان يقف. وأنا الآن أرى أن الناس ابتعدت عني، وبقيت وحيدة، وأرى نفسي سيئة للغاية؛ لأني كنت أربط علاقتي بها؛ لأنها إذا انقطعت يكون ربنا غير راض عني. ماذا أفعل؟
آسفة جدا على الإطالة.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فما دامت صاحبتك قطعت علاقتها بك طاعة لزوجها؛ فاعذريها، وهوِّني عليك الأمر، ولا تحمّلي الأمر فوق ما يحتمل، فقطع العلاقة بينك وبينها لا يعني عدم رضا الله عنك، والصواب أن تحرصي على ما ينفعك في دينك ودنياك، وتشغلي نفسك بما يقربك إلى ربك، ويجلب لك رضاه، ويجنبك غضبه، وسبيل ذلك ميسور بفضل الله، وأبوابه كثيرة متعددة، فعلى سبيل المثال إحسانك إلى زوجك وقيامك بحقّه؛ سبيل لرضوان الله تعالى.

ولا مانع من التماس صاحبات صالحات يكنّ عونًا لك على الخير، وتكون بينكما مودة ومحبة في الله، مع التنبيه إلى أن المبالغة في الحب والبغض أمر غير محمود، فقد أرشد النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى ذلك بقوله: أحبب حبيبك هونا ما عسى أن يكون بغيضك يوما ما، وأبغض بغيضك هونا ما عسى أن يكون حبيبك يوما ما. رواه الترمذي.

كما أنّ القصد والاعتدال في الأمور؛ محمود شرعًا، ومن أسباب طمأنينة النفس، فينبغي الحذر من الإفراط في التعلق بصديقة أو غيرها، وانظري الفتوى: 52433.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني