الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

صلاة المرأة الكبيرة التي تخلط بين أحداث الماضي والحاضر

السؤال

جدتي امرأة كبيرة جدًّا في العمر، ومريضة، وطريحة الفراش، ولا تستطيع الوقوف، ولا الجلوس، ولم تعد تستطيع الكلام، وتعاني من عدة أمراض مزمنة، وهي تنام طول اليوم، فتفوتها الصلوات، وإحدى خالاتي تحاول إيقاظها لتصلي، لكن هذا الأمر لم يعد ممكنًا الآن؛ بسبب تردّي حالتها الصحية، وقد أصبحت تخلط بين أحداث الماضي والحاضر عند حديثها معنا، ونراها في الصباح فقط عند الفطور، وبعد أخذها أدويتها تغط في النوم؛ كأنها في غيبوبة طول اليوم؛ حتى منتصف الليل، فتستيقظ ويعطونها الأكل، وتأخذ الأنسولين، وأدوية القلب، وغيرها، ويغيِّرون لها الحفاظات، ثم تغط في النوم مجددًا حتى الصباح، وهكذا.
وعندما نصلي بها في الصباح، لا تركز أثناء الصلاة، ولا تدخل فيها، وتتكلم مع أحدهم خلال الصلاة إن بدا لها، وتحدق هنا وهناك، أو يغلبها النوم قبل إنهاء الصلاة، وهذا الأمر يشغل بالنا جميعًا، فكيف نتصرف في هذا الموضوع؟ فعندما نصلي ونراها نائمة، ويفوتها العصر والمغرب والعشاء، نحتار، ولا نعرف كيف نتصرف، وهي التي كانت تصلي دون أي إشكال في السنوات الماضية قبل تدهور حالتها. أفيدونا -جزاكم الله خيرًا-.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإذا كانت جدتكم فقدت عقلها؛ لكبر السن ــ كما يفهم من السؤال ــ؛ فإنها غير مكلفة، ولا تطالب شرعًا بصلاة، ولا صيام، ولا غيرهما من العبادات؛ إذ العقل مناط التكليف، ومن زال عقله زال التكليف عنه؛ لحديث: رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ: ـــ وذكر منهم ــ: وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ، أَوْ يَفِيقَ. رَوَاهُ أَحْمَدُ, وَالْأَرْبَعَةُ، إِلَّا التِّرْمِذِيَّ، وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ.

وقد سُئِلَتِ اللجنة الدائمة عن مصاب بفقد الذاكرة، وعمره خمسة وسبعون عامًا، ولا يتقن الصلاة، ولا يدري كم يصلي، ولا يصلي إلا إذا ذكره أحد.

فأجابت بقولها: إذا كان الواقع ما ذكر، فليس على والدكم صلاة، ولا صيام؛ لأنه فاقد للعقل، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «رفع القلم عن ثلاثة: النائم حتى يستيقظ، والصغير حتى يحتلم، والمجنون حتى يفيق»، ووالدكم فاقد للعقل، كواحد من هؤلاء. اهــ.

وقالت في فتوى أخرى: إذا كانت هذه الفتاة تعقل أحيانًا، فيجب عليها أداء الواجبات الشرعية -من صلاة، وصيام، وغيرها-، حال عقلها، وأما في حال غياب عقلها؛ فإنه لا يجب عليها شيء من التكاليف الشرعية؛ لحديث: «رفع القلم عن ثلاثة» . . . وذكر منهم: وعن المجنون حتى يفيق. اهــ

فإذا كانت جدتكم يغيب عقلها أحيانًا، وتعقل أحيانًا أخرى، فيجب عليها أداء الصلاة حال صحوها، ولا تطالبون بأكثر من تنبيهها على دخول وقت الصلاة.

وإذا كانت نائمة وخشيتم خروج الوقت، فيشرع لكم إيقاظها للصلاة، إما استحبابًا أو وجوبًا، على خلاف بين الفقهاء في حكم إيقاظ النائم للصلاة، كما بيناه في الفتوى: 130864.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني