الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مذاهب العلماء في الصلاة في الثوب الضيق الملتصق بالأعضاء

السؤال

ما حكم الصلاة ببنطلون واسع من الفخذ إلى أسفل المؤخرة، وبعدها يبدأ يضيق. حيث دخلت الصلاة وكنت أريد اللحاق بالجماعة، وخفت أن أترك الجماعة بحجة تغيير البنطال، فأكون مخطئا؟
وهل يقاس مثل هذا على من نظر إلى محرم في الصلاة؛ لأني وجدت الشيخ ابن عثيمين يبطل صلاة من فعل هذا. حيث أذكر أني بحثت عن فتوى لبس الضيق في موقع: الإسلام سؤال جواب. فافتوا بالحرمة. والمشكلة أن لبسي معظمه بناطيل، وليس عندي غير قميص واحد.
فهل يمكنني الأخذ بكراهة الضيق؟ حيث إن ممن وجدت يفتي بهذا الشيخ ابن عثيمين وابن باز وأنتم أيضا؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالصلاة في الثياب الضيقة صحيحة بلا شك، وهذا ما نص عليه عامة أهل العلم، ومنهم من يرى الكراهة.

قال ابن عابدين في حاشيته: قوله: ( ولا يضر التصاقه) أي: بالألية مثلا، وعبارة "شرح المنية": أما لو كان غليظا لا يرى منه لون البشرة إلا أنه التصق بالعضو وتشكل بشكله فصار شكل العضو مرئيا، فينبغي أن لا يمنع جواز الصلاة؛ لحصول الستر. انتهى.

ونص المالكية على الكراهة، قال خليل في مختصره: وكره محدد لا بريح.

قال شارحه الخرشي: أي (وَكُرِهَ مَا يُحَدِّدُ الْعَوْرَةَ، أَيْ يَصِفُ جِرْمَهَا كَالْحِزَامِ وَالسَّرَاوِيلِ وَالثَّوْبِ الرَّقِيقِ الصَّفِيقِ، مَا لَمْ يَكُنْ الْوَصْفُ بِسَبَبِ رِيحٍ. فَإِنْ كَانَ بِسَبَبِهِ فَلَا كَرَاهَةَ، كَمَا أَشَارَ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: (لَا بِرِيحٍ) وَمِثْلُهُ الْبَلَلُ، ثُمَّ إنَّ كَرَاهَةَ مَا يُحَدِّدُ فِي غَيْرِ الْمِئْزَرِ كَمَا فِي الْجَلَّابِ وَابْنِ الْحَاجِبِ أَيْ؛ لِأَنَّهُ مِنْ زِيِّ السَّلَفِ بِخِلَافِ السِّرْوَالِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ زِيِّ الْعَرَبِ وَالسَّلَفِ. انتهى.

وحكى النووي قولا لبعض الشافعية بعدم الصحة وغلطه، وعبارته كما في شرح المهذب: فَلَوْ سَتَرَ اللَّوْنَ وَوَصَفَ حَجْمَ الْبَشَرَةِ كَالرُّكْبَةِ وَالْأَلْيَةِ وَنَحْوِهِمَا صَحَّتْ الصَّلَاةُ فِيهِ؛ لِوُجُودِ السَّتْرِ. وَحَكَى الدَّارِمِيُّ وَصَاحِبُ الْبَيَانِ وَجْهًا أَنَّهُ لَا يَصِحُّ إذَا وَصَفَ الْحَجْمَ، وَهُوَ غَلَطٌ ظَاهِر. انتهى.

وقال البهوتي -الحنبلي- في الروض المربع: (فَيَجِبُ) سَترُها حتى عن نفسِه، وخلوةٍ، وفي ظلمةٍ، وخارجِ الصلاةِ، (بِمَا لَا يَصِفُ بَشَرَتَهَا)، أي: لونَ بَشَرَةِ العَورةِ مِن بياضٍ أو سوادٍ؛ لأنَّ السَّترَ إنما يَحصُلُ بذلك. ولا يُعتبرُ أن لا يصِفَ حجمَ العُضوِ؛ لأنَّه لا يُمكِنُ التحرُّزُ عنه. انتهى.

فهذه نصوص المذاهب الأربعة مبينة لك بوضوح أن صلاتك في الثوب الضيق الذي يصف حجم العضو لا لونه، صحيحة، ومنهم من يقول بالكراهة. فعملك بهذا القول هو عمل بقول جماهير الأمة، وهو الذي نفتي به، كما ذكرت في سؤالك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني