الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

سبب عدم إخراج البخاري ومسلم لكل الحديث الصحيح وما هو على شرطيهما

السؤال

عندي سؤال في علم الحديث، وأتمنى من حضراتكم الرد.
هل كتب الصحاح الستة مثل البخارى ومسلم -رحمهما الله- وغيرهما لها مراجع وأسانيد، كل عالم منهم رجع لها في كتابة الأحاديث؟
لأني قرأت حديثا رواه الترمذي عن ابن مسعود، وصححه الألباني أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: من قرأ حرفا من كتاب الله، فله به حسنة، والحسنة بعشرة أمثالها، لا أقول ألف لام ميم حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف. صدق رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. فالسؤال هنا: لماذا لم يكتب الإمام البخاري أو مسلم هذا الحديث في كتب الصحاح؟ فهل لم يعلما به؟ أم ضعفاه؟
وغير ذلك من الأحاديث نجدها في كتاب الترمذي أو النسائي، ولا نجدها في الصحيحين. فما السبب؟
وشكرا مقدما.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فننبهك أولا إلى أن الكتب الستة ليست صحاحا، ولكن الذي التزم إخراج الصحيح فقط هما: البخاري ومسلم، وأما أهل السنن الأربعة، وهم أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه فيروون ما كان صحيحا، وما كان دونه، مما هو حسن، وربما وقع في روايتهم شيء من الضعيف للاستئناس، أو لغرض آخر.

والمقصود أنك قد تجد كثيرا من الأحاديث في السنن غير موجودة في الصحيحين؛ لأنها ليست على شرط الشيخين، وقد تكون من قسم المقبول، وقد يصححها بعض أهل العلم، لكنها لا تكون على شرط الشيخين، ومن ثَمَّ، فلا يقال لِمَ لَمْ يخرجاها، وقد توجد أحاديث كثيرة على شرط الشيخين، وليست فيهما، ولم يخرجاها، وذلك لسبب معروف، وهو أنهما لم يلتزما إخراج جميع الصحيح، ولكنهما التزما أن يكون ما أخرجاه صحيحا، فهما لم يستوعبا جميع الأحاديث الصحيحة، بل تركا منها شيئا كثيرا، إما طلبا للاختصار، وإما لغير ذلك من الوجوه.

ومن هنا قال العراقي في ألفيته: ( ولم يعماه ولكن قل ما ... عن ابن الأخرم منه قد فاتهما ) ( ورد لكن قال يحيى البر ... لم يفت الخمسة إلا النزر ) ومراده بيحيى الإمام النووي- رحمه الله-.

قال السخاوي -رحمه الله-: وَبِالْجُمْلَةِ فَكِتَابَاهُمَا أَصَحُّ كُتُبِ الْحَدِيثِ (وَ) لَكِنَّهُمَا (لَمْ يَعُمَّاهُ) أَيْ: لَمْ يَسْتَوْعِبَا [كُلَّ الصَّحِيحِ فِي كِتَابَيْهِمَا، بَلْ لَوْ قِيلَ: إِنَّهُمَا لَمْ يَسْتَوْعِبَا مَشْرُوطَهُمَا لَكَانَ مُوَجَّهًا] وَقَدْ صَرَّحَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِعَدَمِ الِاسْتِيعَابِ، فَقَالَ الْبُخَارِيُّ فِيمَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَعْقِلٍ عَنْهُ: ((مَا أَدْخَلْتُ فِي كِتَابِي الْجَامِعِ إِلَّا مَا صَحَّ، وَتَرَكْتُ مِنَ الصِّحَاحِ خَشْيَةَ أَنْ يَطُولَ الْكِتَابُ)) . وَقَالَ مُسْلِمٌ: ((إِنَّمَا أَخْرَجْتُ هَذَا الْكِتَابَ، وَقُلْتُ: هُوَ صِحَاحٌ، وَلَمْ أَقُلْ: إِنَّ مَا لَمْ أُخَرِّجْهُ مِنَ الْحَدِيثِ فِيهِ ضَعِيفٌ)) . انتهى

وبه يندفع ما أوردته من وجود أحاديث عند الترمذي وغيره لم يخرجاها، فالجواب من أحد وجهين: فإما ألا تكون تلك الأحاديث على شرطهما -وإن كانت صحيحة-، وإما أن تكون على شرطهما، وتركا إخراجها طلبا للاختصار.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني