الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الربوبية الحديثة... رؤية شرعية

السؤال

أخي الله -رحمه الله- توفي منذ فترة قريبة جدا -حوالي شهرين- وهو في سن صغير: في العشرينات، ومات بسبب السقوط من مكان عال.
هو كان موحدا لله، وعارفا أن ربنا هو الإله الوحيد، وكان يحب ربنا جدا أيضا، يمكن أكثر مني، لكنه كان للأسف من أتباع الربوبية، المؤمنين بوجود الله، وأنه هو الخالق الوحيد في الكون.
وللأسف كان في السنوات الأخيرة قد ترك الإسلام واتجه للربوبية، يعني من الناس المؤمنين بوجود الله، وأنه هو الإله الواحد، لكن غير مؤمنين بأي دين، مع العلم أنه كان قبل أن يقع في هذا متدينا جدا، وحافظا لكثير من القرآن، ولا يترك فرضا، لكن للأسف وقع له هذا في الآخر.
أعلم طبعا أنه لا أحد في الدنيا يعلم من سيدخل الجنة، ومن سيدخل النار. وكيف سيحاسبنا الله؟
لكن كنت أريد أن أعرف وجهة نظرك: هل تعتقد أن من الممكن أن يغفر الله له، ويسامحه بعد إخراج كمية من الزكاة، والدعاء له، إلى آخر عمري؟ أو ماذا يمكن أن يحدث؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فبغض النظر عن خصوص حال أخيك، يمكن أن يصاغ السؤال بصيغة عامة، فيقال: هل الربوبي مؤمن حقا؟

والجواب: لا، فالمرء لا يكون مؤمنا حتى يؤمن بالله، وبما أمر الله تعالى بالإيمان به، ومن ذلك: الكتب والرسل. فمن كفر بالرسل، أو بالكتب السماوية فليس مؤمنا بالله، بل إن من آمن بكل الرسل إلا رسولا واحدا فليس بمؤمن، بل هو كافر حقا، كما قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا. أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا [النساء: 150، 151].

ولا ريب في أن من كفر بالقرآن، وبرسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، وبدين الإسلام، أنه كافر حقا، وأنه قد خسر آخرته -والعياذ بالله-، قال تعالى: وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ {آل عمران:85}.

والربوبية الحديثة ما هي إلا أحد مذاهب اللادينية، وأحد أنواع الإلحاد المعاصر، وهي اعتقاد وجود خالق للكون، ولكنه لا يتدخل في الشؤون الإنسانية، فلا يرسل رسلًا، ولا ينزل كتبًا، ولا يجمع الناس في يوم آخر ليجازيهم على أعمالهم! فهي إنكار للوحي، والنبوات، والأديان، واعتماد على العقل المجرد في تأسيس العلاقة بالخالق!

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني