الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زنى بفتاة نصرانية ويريد الزواج بها وإقامة الحد عليه

السؤال

لدي علاقة مع فتاة مسيحية منذ 3 سنوات، ووقعت معها في الزنا. وهي فتاة خلوقة وتربيتها جيدة، وأريد الزواج منها.
سؤالي هو: ما حكم الشرع في هذا الزواج؟ وماذا يجب علينا فعله إن كان هذا الزواج جائزا شرعا؟
وما العقوبة التي يجب أن تطبق علي، حيث إنني بحكم الشرع زان- ووقعت في هذه المعصية عدة مرات- ويجب أن يطبق علي حد الله، عسى أن يغفر لي الله معصيتي؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالواجب عليك أولا المبادرة إلى التوبة النصوح، وهي المستوفية لشروط معينة، سبق بيانها في الفتوى: 5450، والفتوى: 29785.

ويجب عليك أيضا قطع العلاقة مع هذه الفتاة؛ فلا يجوز للمسلم أن يكون على علاقة بامرأة أجنبية عنه؛ فهذا باب واسع للشر والفساد، والوقوع في الفواحش، وما حدث منك مع هذه الفتاة خير دليل على ذلك.

وإقامة الحدود من شأن الحاكم المسلم، وليس ذلك لعامة الناس، كما بينا في الفتوى: 23376.

ولا يلزم المسلم الاعتراف بموجب الحد من الزنا أو غيره، بل عليه أن يستر على نفسه، ويتوب بينه وبين ربه عز وجل، روى البيهقي عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فَمَنْ أَصَابَ مِنْ هَذِهِ الْقَاذُورَاتِ شَيْئًا، فَلْيَسْتَتِرْ بِسِتْرِ اللَّهِ، فَإِنَّهُ مَنْ يُبْدِي لَنَا صَفْحَتَهُ نُقِمْ عَلَيْهِ كِتَابَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة.

والزواج من الكتابية جائز، ولكن شرطه أن تكون عفيفة، قال تعالى: الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ... {المائدة:5}.

وقد ذكرت أن هذه الفتاة قد وقعت معك في الزنا، فلا يجوز لك الزواج منها، وننصحك بالبحث عن امرأة مسلمة صالحة، فذلك أفضل بكل حال، لتعينك في أمر دينك ودنياك، روى مسلم عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: الدنيا متاع، وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة.

ولمزيد الفائدة، راجع الفتويين: 5315، 80265.

وننبه إلى أنه لا يجوز أن تكون هنالك علاقة صداقة بين الرجل والمرأة الأجنبية، فهذه هي المخادنة التي كانت قائمة في الجاهلية، وجاء الإسلام بإبطالها وتحريمها، قال تعالى: مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ {النساء:25}، والأخدان: الأخلاء.

ولمزيد الفائدة، نرجو مطالعة الفتوى: 30003.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني