الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التفصيل في منع الشركة المالكة للعبة من بيع الحساب للاعب آخر

السؤال

بعد البحث حول موضوع كسب الأموال من الألعاب الإلكترونية، تبين لي أنه كسب حلال إذا كانت اللعبة مباحة؛ أي خالية من الممنوعات، وتحقق مجموعة من الضوابط الشرعية. وأن ما جاز اللعب به، جازت المتاجرة فيه، وما منع اللعب به، منعت التجارة فيه.
إلا أن السائلين حول الموضوع لم يذكروا أن جميع الشركات المصنعة للألعاب الإلكترونية تمنع بيع الحسابات للاعبين آخرين؛ لأنك بذلك تعتبر منافسا لها. فما حكم التكسب من هذه الألعاب؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالمفتي يجيب السائل والمستفتي بناء على مسألته، وتصويره لها, وقد يكون ذلك مطابقًا للواقع, وقد يكون مخالفًا له, لكن مَرَدُّ ذلك إلى السؤال وتصوير المسألة، والمفتي في ذلك كالقاضي يحكم على نحو ما يسمع, وقد جاء في حديث أم سلمة -رضي الله عنها- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: إنكم تختصمون إليّ، ولعل بعضكم ألحن بحجته من بعض، فمن قضيت له بحق أخيه شيئًا بقوله، فإنما أقطع له قطعة من النار، فلا يأخذها. رواه البخاري.

وعليه؛ فالفتاوى الصادرة عن الموقع حول الألعاب والمتاجرة فيها؛ إنما كانت بناء على ما ذكره السائلون في أسئلتهم، وموضوع منع الشركة المالكة للعبة من بيع الحساب فيها، فيه تفصيل مَرَدُّه إلى كون الشركة باعت الحساب، واشترطت عدم بيعه، أو لم تبعه، وإنما مكنت اللاعب من اللعب فقط، فأباحت له الانتفاع. وفرق بين ملك المنفعة، وبين مجرد ملك الانتفاع. وقد أوضح الفقهاء الفرق بين المنفعة والانتفاع في كثير من كتبهم، كالقرافي في الفرق الثلاثين من كتابه الفروق.

ونحن ننقل لك بعضًا من كلام البقوري في اختصاره للفروق حيث يقول: فاعلم أن تمليك الانتفاع نريد به أن يباشِر هو بنفسه فقط، وتمليكُ المنفعة أعم وأشْمَلُ، فيباشِرُ بنفسه، ويمكن غيرَه من الانتفاع بعوض كالإجارة، وبغير عوض كالعارية.
مثال الأول -يعني الانتفاع- سكنى المدارس والرُّبطِ (28) والحبُسِ والجوامع والأسواق ومواضع النُّسُكِ كالمطاف والمسْعى ونحو ذلك، فهذه المواضع ينتفع بها المُمَلَّك بنفسه فقط، وليس له أن يؤاجر غيرَه، أو يعاوِضه بطريق من طرق المعاوضة.

ومثال الثاني: -يعني المنفعة- كمن استأجر دارًا أو استعارها، فله أن يسكنها غيره بأي وجه أراد، ويتصرف في هذه المنفعة تصرف الملاك في أملاكهم، وهو تمليك مطلق، لكنه في زمن خاص، وتمليك هذه المنفعة كتمليك الرقاب. انتهى من كتاب ترتيب الفروق.

وجاء في الموسوعة الفقهية الكويتية عند الكلام عن الإعارة ما يلي: الانتفاع: هو حق المنتفع في استعمال العين واستغلالها، وليس له أن يؤاجره، ولا أن يعيره لغيره.

والمنفعة: أعم من الانتفاع، لأن له فيها الانتفاع بنفسه وبغيره، كأن يعيره أو يؤاجره. انتهى.

وفي المسألة زيادة تفصيل؛ فالمستأجر قد اختلف هل له أن ييبيع المنفعة التي ملكها بعقد الإجارة إلى غيره ليحل محله في استيفائها أم لا؟ سواء أذن مالك العين أم لا.

جاء في الموسوعة الفقهية ما نصه: جمهور الفقهاء -الحنفية والمالكية والشافعية، والأصح عند الحنابلة- على جواز إيجار المستأجر إلى غير المؤجر الشيء الذي استأجره، وقبضه في مدة العقد, ما دامت العين لا تتأثر باختلاف المستعمل, وقد أجازه كثير من فقهاء السلف, سواء أكان بمثل الأجرة أم بزيادة، وذهب القاضي من الحنابلة إلى منع ذلك مطلقا، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم-: نهى عن ربح ما لم يضمن. والمنافع لم تدخل في ضمانه, فلم يجز، والأول أصح، لأن قبض العين قام مقام قبض المنافع. اهـ.
وللفائدة انظر الفتوى: 149101.

والحسابات في تلك الألعاب تعتبر من قبيل المنافع، فبيعها إجارة، وهذا ما جعلنا نذكر التفصيل السابق.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني