الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحكام الحامل والمرضع إذا أفطرتا وأخرتا القضاء

السؤال

لم أصم رمضان الماضي بسبب الحمل، ولم أصم طول هذه الفترة بسبب الرضاعة الطبيعية.
ماذا أفعل: هل أخرج مالا عن كل يوم، أو أصوم أياما، وأخرج مالا عن باقي الأيام؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالحامل والمرضع إذا أفطرتا في رمضان من غير أيام السفر، أو الحيض أو النفاس، فلا يكون ذلك إلا لواحد من ثلاثة أسباب: إما الخوف على نفسيهما، وإما الخوف على ولديهما فقط، وإما الخوف على نفسيهما وعلى ولديهما. وتعرفان ذلك بواحد من ثلاثة أمور: إما بالتجربة، وإما بإخبار الطبيب الثقة، وإما بغلبة الظن.

وللعلماء فيهما مذاهب، أصحها -والله أعلم- هو ما ذهب إليه أحمد والشافعي: أنهما إن خافتا على الولد فقط، وأفطرتا؛ فعليهما القضاء والفدية. وإن خافتا على نفسيهما فقط، أو على نفسيهما وولديهما؛ فعليهما القضاء فقط، ولا فدية عليهما.

جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: وَاتَّفَقُوا كَذَلِكَ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ الْفِدْيَةِ إِذَا ‌أَفْطَرَتِ الْحَامِل خَوْفًا عَلَى نَفْسِهَا؛ لأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الْمَرِيضِ الْخَائِفِ عَلَى نَفْسِهِ.

وَلَا يَجِبُ عَلَيْهَا الْفِدْيَةُ كَذَلِكَ إِذَا ‌أَفْطَرَتْ خَوْفًا عَلَى وَلَدِهَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ، وَهُوَ قَوْلٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ؛ لأِنَّ ‌الْحَمْل مُتَّصِلٌ بِالْحَامِل، فَالْخَوْفُ عَلَيْهِ كَالْخَوْفِ عَلَى بَعْضِ أَعْضَائِهَا، وَلأَنَّ الْفِدْيَةَ ثَبَتَتْ عَلَى الشَّيْخِ الْفَانِي بِخِلَافِ الْقِيَاسِ؛ لأَنَّهُ لَا مُمَاثَلَةَ بَيْنَ الصَّوْمِ وَالْفِدْيَةِ، وَالْفِطْرُ ‌بِسَبَبِ الْخَوْفِ عَلَى الْوَلَدِ لَيْسَ فِي مَعْنَاهُ.
وَقَال الْحَنَابِلَةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي الأَظْهَرِ عِنْدَهُمْ: إِذَا ‌أَفْطَرَتِ الْحَامِل خَوْفًا عَلَى وَلَدِهَا، فَعَلَيْهَا مَعَ الْقَضَاءِ الْفِدْيَةُ. انتهى.

وبهذا يتبين لك إن كانت عليك فدية مع القضاء أو لا.

وأما تأخير القضاء إلى دخول رمضان. فالجمهور من الأئمة الثلاثة مالك والشافعي وأحمد يذهبون إلى أن المرء إذا أخر القضاء لعذر، فلا شيء عليه، وإن أخره لغير عذر، فعليه فدية وهي إطعام مسكين عن كل يوم.

وللفائدة، انظري الفتوى: 140049، لمعرفة كيفية الإطعام في فدية الصيام.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني