الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

إخراج فدية إفطار الحامل من مال الزوج وإرسالها للبلاد المحتاجة

السؤال

أنا سورية، أعيش في ألمانيا، أفطرت رمضانين في سنتين مضتا؛ بسبب الحمل، ولقد صمت الأيام التي عليّ، وبقي القليل منها، فهل أستطيع دفع كفارة الأيام التي أفطرتها نقدًا، وإرسالها إلى عائلة محتاجة في سورية؛ لأنه لا يوجد أناس محتاجون في البلد الذي أنا فيه، وأهل سورية أحوج للنقود؟ فكيف أحسب مقدار المال؟ وهل نستطيع إرسال زكاة الفطرة نقدًا لهم أيضًا؟ وهل يحق لي إرسالها من مال زوجي؟ جزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فللحامل أن تفطر إذا خافت على نفسها وولدها، وعليها القضاء فقط؛ لحديث أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله تعالى وضع عن المسافر الصوم، وشطر الصلاة، وعن الحامل أو المرضع الصوم. رواه أبو داود، والنسائي، والترمذي، وابن ماجه.

وإذا خافت على ولدها فقط، فعليها القضاء، والفدية، عند الجمهور.

ولم تبيّني في سؤالك هل أفطرت خوفًا على نفسك بسبب الحمل، أو خوفًا على الجنين فقط، وقد فصّلنا الحكم في ذلك.

وعلى فرض كونك أفطرت خوفًا على الجنين فقط، فعليك -كما سبق- مع القضاء الفدية، وهي: إطعام مسكين عن كل يوم.

وقد اختلف هل تجب على الزوجة في مالها، أو على وليّ الجنين؟

وعلى كل؛ فلو دفعتها الزوجة من مالها، فلا حرج، ولا بأس أن ترسليها إلى أسرة فقيرة في سوريا، أو ترسيلها إلى مجموعة أسر، قال الإمام النووي -رحمه الله-: فيجوز صرف أمداد كثيرة عن الشخص الواحد، والشهر الواحد، إلى مسكين واحد، أو فقير واحد. انتهى.

وأما مقدارها: فمد من الطعام، والمد يساوي 750 جرامًا تقريبًا من الأرز، وانظري الفتوى: 26131.

ولا بأس بإرسال زكاة الفطر إليهم أيضًا، ما دمتم بمكان لا تجدون فيه فقراء، ودفع النقد بدل ذلك، إن دعت إليه حاجة معتبرة؛ فلا بأس به، لدى بعض أهل العلم. ولكن يمكن هنا تحويل النقود، وتوكيل من يشتري الطعام لتلك الأسرة، أو الأسر التي ستؤدى إليهم الفدية، أو زكاة الفطر، وهذا أولى؛ خروجًا من الخلاف. وللفائدة، انظري الفتوى: 307087.

وننبه إلى أن زكاة الفطر واجبة على الزوج عن زوجته، وراجعي الفتوى: 79639.

وأما الفدية حال وجوبها للفطر خوفًا على الجنين فقط، فقد اختلف هل هي على الحامل في مالها، أو على وليّ الصبي؟

جاء في الروض المربع، ممزوجًا بحاشيته لابن قاسم: وإن أفطرتا خوفًا على ولديهما فقط، قضتا عدد الأيام، وأطعمتا: أي: وجب على من يمون الولد أن يطعم عنهما، لكل يوم مسكينًا، ما يجزئُ في كفارة. وظاهره الوجوب على من يمون الولد من ماله؛ لأن الإفطار لأجله. انتهى.

وعلى كل؛ فإرسال الفدية، أو زكاة الفطر من مال الزوج بإذنه، لا حرج فيه؛ لأن زكاة الفطر تجب في ماله عن نفسه، وعن زوجته، وكذلك فدية الصيام تجب في ماله، إن كان هو ولي الصبي، فيما رجّحه بعض أهل العلم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني