الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الثبات على الهداية والطاعة

السؤال

أولا: ادعوا لي بالهداية، فأنا بحاجة إليها.
أنا شاب في الثامنة عشر من عمري، بدأت ألتزم منذ حوالي عام أو عام ونصف، بعد قراءتي لكتاب يسمى (كيف أتوب)، إلا أنني قد واجهت شيئا من الصعوبة في أمري، وسأشرح لكم موقفي بإطالة، فأرجو منكم العذر في شغلي زمنكم:
1- أكبر مشاكلي عدم الالتزام بالصلاة -كسلا مني-، وأعلم سوء هذا، وأن هذا من الكفر، فقد قرأت عددا من فتاواكم، وقد التزمت، وتركت كل معصية أقوم بها لفترة لا أذكر قدرها، لكنها لم تكن أقل من شهر، أو اثنين في الغالب.
ذقت فيها حلاوة الصلاة، وحاولت أن أحفظ من القرآن، فكنت أحفظ، وأصلي بما حفظت، فيثبت حفظي. كنت في تلك الفترة راضيا عن نفسي، أذكرها فتكاد تدمع عيني، لولا حبسي لدمعي؛ إلا أنني بعد فترة من ذلك أخذت أرخي الزمام، فصرت أؤخر الصلاة إلى آخر وقتها، حتى أني أسمع أذان المغرب، وأنا أصلي العصر، ثم صرت أؤخر الصلوات جميعا، وأصليها كلها مع العشاء.
ثم بت أجمع الأيام يومين، وثلاثة، حتى بت لا أصلي، ولقول الحق فإني في رمضان السابق ما سجدت، ولا صليت إلا مرة واحدة، سمعت موعظة لمست قلبي، فصليت، وما لبثت يوما فجف القلب، ولم أصل بعدها إلا مرات تعد على أصابع اليد. ولا أقول هذا كشفا لستر الله عليَّ، ولا فخرا، إنما التماسا للنصح والموعظة.
و للعلم فإني كل ما سمعت موعظة يؤلمني قلبي، فألتزم ثم ألبث قليلا، فأرخي، وما بقيت يوما، أو سمعت أذانا، أو قرأت اسم الله، إلا وأحسست بالغم وندمت، كنت أتمنى لو كان بإمكاني التواصل مع أحد مشايخكم شخصيا التماسا ليعظني بلا ضيق أو ملل.
أرجو حلا لهذا الموقف، لعل الله يكسبكم فيَّ الأجر.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله لك الهداية والثبات، ثم اعلم أن ترك الصلاة من أعظم الموبقات، وأكبر الذنوب، نسأل الله العافية، وانظر الفتوى: 130853.

والذي يعينك على الحفاظ عليها، وعلى سائر الطاعات أمور.

أهمها: دوام الدعاء، واللجأ الصادق لله تعالى أن يهديك، ويثبتك، فالقلوب بين إصبعين من أصابعه -سبحانه- يقلبها كيف يشاء.

ومنها: مجاهدة النفس مجاهدة صادقة، فإن الله يقول: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا {العنكبوت:69}.

ومنها: مصاحبة الصالحين، وإيجاد البيئة الإيمانية التي تستعين بها على المضي قدما في طاعة الله تعالى.

ومنها: البعد عن أسباب الشر، وسائر الملهيات والصوارف عن الطاعة.

ومنها: دوام سماع المواعظ، وتكرار حضور مجالس العلم، وقراءة ما يرقق القلب.

ومنها: دوام الفكرة في الموت، وما بعده، واستحضار أنك موقوف غدا بين يدي الله تعالى، وأنه سبحانه سائلك عن القليل والكثير.

ومنها: دوام التفكر في أسماء الرب تعالى، والعلم بأنه تعالى شديد العقاب، وأن غضبه -سبحانه- لا تقوم له السماوات والأرض.

ومنها: قراءة سيرة النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأصحابه، والصالحين من هذه الأمة، والاجتهاد في التشبه بهم، والاهتداء بهديهم.

نسأل الله أن يتوب عليك، ويهديك صراطا مستقيما.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني