الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

سبب كثرة وقوع البلاء والمصائب على الطيبين

السؤال

سؤالي هو: لماذا الطيبون في هذا العالم هم من يموتون، ويقتلون، ويعذبون صغارا وكبارا من المسلمين وغير المسلمين؟
لماذا يكون قدر أطيب الطيبين من جميع الأجناس والأديان في أنحاء العالم هم من يعانون ويعذبون ويقتلون؟
لماذا هم وليس الأشرار من الذين يمكرون، ويسرقون، ويغتصبون، ولا يشعرون بأي أسى، أو حزن، أو ندم؟
وسؤالي ليس فقط عن المسلمين، وإنما جميع البشر أجمعين.
وأسأل الله أن يرفع قدركم في الدنيا والآخرة، ويجمعنا في جناته جنات النعيم يارب العالمين.
ولكم جزيل الشكر والتقدير.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالطيبون وغير الطيبين يصابون بأنواع البلاء، سواء بالقتل، أو التعذيب، أو غير ذلك، فالكل يبتلى، ولا يقتصر البلاء على نوع واحد من الناس، وإن كان ذلك يقع في الطيبين أكثر، فهذا ينفعهم في الآخرة التي هي دار العدل والجزاء.

فأما المؤمن؛ فتكفر ذنوبه في الدنيا، ويجازى بحسناته في الآخرة. وأما الكافر المظلوم فمظلمته تخفف عنه العذاب يوم القيامة إن لم يجاز بها في الدنيا، كما قال سعيد بن جبير في قوله: إِنَّ اللهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا [النساء: 40] قال: فأما المشرك؛ ‌فيخفف عنه ‌العذاب ‌يوم ‌القيامة، ولا يخرج من النار أبدا. اهـ.

وقد سبق لنا بيان أن الدنيا ليست بدار عدل، وإنما هي دار بلاء ومحنة، وأن العدل المطلق يقام في الآخرة لا في الدنيا، وراجع في ذلك الفتوى: 124756.

وننصح السائل بتدبر سورتي النساء وآل عمران، ولاسيما قوله تعالى: إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللهِ مَا لَا يَرْجُونَ [النساء: 104]. وقوله عز وجل: إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ. وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ. أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِين [آل عمران: 140: 142] وقوله سبحانه: مَا كَانَ اللهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيم [آل عمران: 179].

ولمزيد الفائدة يمكن الاطلاع على الفتويين: 117638، 364189.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني