الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ردّ الولد الذي سرق قبل بلوغه المالَ لوالديه من مصروفه الذي يعطيانه

السؤال

سرقت وأنا صغير، وأريد أن أردّ الحقوق إلى أهلها، فقد سرقت من شنطة أمَي، ومن محل أبي، ولا أستطيع طلب السماح منهما لأسباب، منها: أن أمي مريضة بالوسواس، وأعلم أن هذا سيحزنها كثيرًا، وأشعر بحرج كبير، وليس معي مال لأرده، فأنا لازلت طالبًا، فهل يجوز أن أنتظر حتى يرزقني الله مالًا؟ وهل يجوز أن أجمع من مصروفي الذي آخذه منها، وأرده دون علمها؟ وهل يعد حرجي من طلب السماح من خشية العباد أكثر من خشية الله؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإنه لا إثم عليك فيما سرقته قبل بلوغك، لكن يجب عليك ردّ ما سرقته، قال ابن تيمية في منهاج السنة النبوية: وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «رفع القلم عن الصبي حتى يحتلم، والمجنون حتى يفيق، والنائم حتى يستيقظ»، إنما يقتضي رفع المأثم، لا رفع الضمان باتفاق المسلمين، فلو أتلفوا نفسًا أو مالًا، ضمنوه، وأما رفع العقوبة إذا سرق أحدهما، أو زنى، أو قطع الطريق، فهذا علم بدليل منفصل بمجرد هذا الحديث. اهـ.

وفي مجلة الأحكام العدلية في الفقه الحنفي: أتلف صبي مال غيره: يلزم الضمان من ماله، وإن لم يكن له مال، ينتظر إلى حال يسر، ولا يضمنه وليّه. اهـ

وتجتهد في تقدير ذلك بما يغلب على الظن براءة ذمّتك به، قال الرحيباني في مطالب أولي النهى: وإن كان المختلط دراهم جهل قدرها، وعلم مالكها؛ فيردّ إليه مقدارًا يغلب على الظن البراءة به منه. اهـ.

وإذا أعسرت بتلك الأموال؛ فإنها تبقى في ذمّتك؛ حتى تقدر على ردّها.

ويجوز أن تردّ تلك الأموال من المصروف الذي يعطيك إياه والدك.

ولا يشترط إعلامهم بما فعلت، بل الواجب هو إيصال الأموال التي سرقتها إليهم بأي طريقة كانت، وراجع الفتوى: 206827.

وأما قولك: (وهل يعتبر حرجي من طلب السماح من خشية العباد أكثر من خشية الله؟) فإن شعورك بالخجل من استسماح صاحب الحق، لا يعني أنك تخشاه أشد من خشية الله، وانظر للفائدة حول الخجل الفتوى: 433114.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني