الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

خطر التهاون في الحلف بالطلاق واعتياد اللسان عليه

السؤال

حلفت على زوجتي يمين الطلاق، وأنا غاضب، وقلت: "عليّ الطلاق، لا تخرجين من البيت"، وأنا أحلف هذا اليمين كثيرًا كلما غضبت، وحلفت يمينًا على أولادي، وقلت: "عليّ الطلاق، لا تذهبون إلى المدرسة"، وذهبوا إلى المدرسة، ويمين الطلاق على لساني دائمًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فأكثر أهل العلم على أنّ الحلف بالطلاق -سواء أريد به الطلاق، أم التهديد، أم المنع، أم الحث، أم التأكيد-، يقع الطلاق بالحنث فيه، وهذا هو المفتى به عندنا، خلافًا لشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- الذي يرى أنّ حكم الحلف بالطلاق الذي لا يقصد به تعليق الطلاق، وإنما يراد به التهديد، أو التأكيد على أمر، حكم اليمين بالله، فإذا وقع الحنث، لزم الحالف كفارة يمين، ولا يقع به طلاق، وانظر الفتوى: 11592.

وعليه؛ فالمفتى به عندنا؛ أنّ زوجتك إذا كانت خرجت من البيت، على الوجه الذي نهيتها عنها في يمينك؛ فقد وقع طلاقها.

وكذا وقع طلاقها بذهاب الأولاد للمدرسة بعد حلفك عليهم ألا يذهبوا.

وإذا كنت حنثت في يمين طلاق آخر؛ فقد وقعت ثلاث تطليقات، وبانت منك زوجتك بينونة كبرى، وليس لك مراجعتها إلا إذا تزوجت زوجًا غيرك -زواج رغبة، لا زواج تحليل- ويدخل بها الزوج، ثم يطلقها، أو يموت عنها، وتنقضي عدتها منه.

فانظر إلى خطر التهاون في الحلف بالطلاق، واعتياد اللسان عليه، كيف يؤدي إلى حلّ عصمة الزوجية، وهدم الأسرة.

فاتقِ الله تعالى، وتب إليه، واجتنب الحلف بالطلاق؛ فإنه من أَيْمان الفسّاق، وقد ذهب بعض العلماء إلى تحريم الحلف بالطلاق، جاء في الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني: ثُمَّ ذَكَرَ مَا هُوَ كَالدَّلِيلِ عَلَى حُرْمَةِ الْحَلِفِ بِغَيْرِ اللَّهِ وَصِفَاتِهِ بِقَوْلِهِ: (وَيُؤَدَّبُ) بِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ كُلُّ (مَنْ حَلَفَ) مِنْ الْمُكَلَّفِينَ (بِطَلَاقٍ، أَوْ عَتَاقٍ. انتهى. وراجع الفتوى: 138777.

والذي نراه أن تعرض مسألتك على من تمكنك مشافهته من أهل العلم الموثوق بدِينهم، وعلمهم، وتعمل بفتواهم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني