الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من علّق طلاق زوجته على رجوعها إلى البيت وتأخرت في الرجوع

السؤال

نقيم في بلد أجنبي بغرض الدراسة والعمل، وأنا متزوج من زوجتين أقسم بينهما ثلاثة أيام بثلاثة أيام.
قبل أيام دُعيت زوجتي من إحدى صديقاتها لعزيمة، فأذنت لها أن تذهب، وجاء موعد الدعوة في وقت كنت فيه في بيتي الآخر، فذهبت الزوجة، وفي المساء أرسلت لي تلومني: لماذا لم أسأل عنها، ولماذا لم أتواصل معها، وأنها تريد الطلاق، وستخرج من البيت.
بعد يومين عدت الساعة السابعة مساء إلى البيت (موعد قسمها)، ولم أجدها، فظننت أنها تأخّرت في معمل الجامعة، وحاولت الاتصال بها، ولم تردّ، فأرسلت لها رسالة بأحد برامج التواصل، وقلت لها: اتصلت ولم تردّي، فردّت بالقول: لست بالمعمل، ولا في البيت، فسألتها عن مكانها، فلم تخبرني، وذكرت لي أنها تركت البيت، ولن تعود، وأنها ستعود عندما أغادر البيت، فقلت لها: "لا تتأخّري عن الثامنة، سأنتظرك"، فذكرت أنها لن تعود، إلا إذا غادرتُ أنا البيت، فقلت: سأنتظر حتى تأتي، وبعدها إن أردتِ أن أخرج، فسأخرج من بيتي.
انتظرت حتى الثامنة، وأرسلت لها، فقالت: لا تنتظر، فلن أعود، وحاولت معها أكثر من مرة، وكانت ترد بأنها لن ترجع، فقلت لها: (إذا ما ترجعين الآن؛ فأنت الطالق)، فردّت هي بالقول: "خير ما فعلت"، فقلت لها: الخبر عندك، والكلام راجع لك، فإذا مشيت الآن، فلن يقع الطلاق، فردّت ما أرجع إلا إذا تركتَ البيت، فقلت لها: الأمر بيدك، وقالت: لن أرجع، فسكت وانتظرت، وقلت لها: الأمر بينك وبين ربك -أقصد أن أمر الطلاق معلّق بتصرفها-.
بعد ساعة أرسلت لها: أين أنت؟ ما رجعت، هل أبلغ الأهل؟ فردت: بلغ الأهل، وعندما تخرج من البيت، سأصعد، فعرفت أنها قد عادت، وهي أسفل المبنى لم تصعد، فخرجت من الشقة، وقلت لها: إني خرجت، فصعدت، ودخلت البيت.
وقد قالت: إنها عادت من المعمل، ومرّت على جارتها، وعندما قرأت رسالتي، كانت تشرب الشاي، ولم تخرج في نفس الوقت، وإنما أكملته، وبعدها خرجت، وعادت إلى أسفل المبنى الذي نسكن فيه، وقالت: إنها كانت تنوي أن تبقى عند جارتها إلى أن أخرج من البيت؛ ولذلك رجعت، وقالت: إنها ستبقى خارج باب الشقة، أو تحت المبنى حتى أخرج، وبين البيتين 30 دقيقة تقريبًا.
عندما كتبت لها كنت في حالة غضب، وكنت أريدها أن ترجع لبيتها، ولكني حدّثت نفسي في تلك اللحظة أنها إذا لم تضع اعتبارًا لما قلت، ولا يهمّها بقاؤنا مع بعض كزوجين؛ فالطلاق واقع، فهل وقع الطلاق؟ علمًا أنها عندما عادت عرفت أنها كانت حائضًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فقد ذكرت في سؤالك أنّك علّقت طلاق زوجتك على رجوعها إلى البيت بقولك لها عن طريق رسالة مكتوبة من خلال وسائل التواصل: (إذا ما ترجعي الآن؛ فأنت طالق)، ونويت في نفسك وأنت تكتب الرسالة أنّها إذا لم تأبهْ لكلامك، ولم ترجع إلى البيت؛ وقع طلاقها. وذكرت أنها لم تعُدْ إلى البيت مباشرة، ولم تدخله إلا بعد خروجك منه.

وعلى هذا؛ فما صدر منك يعدّ طلاقًا معلقًا على عدم عودتها للبيت فورًا، ولم تعُدْ إليه على نحو ما ذكرت؛ فيقع الطلاق.

ولا يمنع وقوعه كونها كانت حائضًا؛ فطلاق الحائض نافذ عند أكثر أهل العلم.

وحيث وقع، وكان دون الثلاث -بأن كان هو الطلاق الأول، أو الثاني-؛ فلك مراجعتها في العدّة، بل تسنّ الرجعة إذا وقع الطلاق في الحيض، وتجب عند بعض أهل العلم. وانظر الفتوى: 412912.

وينبغي الحذر من استعمال ألفاظ الطلاق للتهديد؛ فهو مسلك غير رشيد في التعامل مع الزوجة، وقد يترتب عليه ما لا تحمد عقباه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني