الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم المطالبة باسترجاع نفقات علاج الميت من تركته

السؤال

المشايخ الأفاضل، أفتونا في التالي:
مرضت والدتنا -رحمها الله رحمة واسعة- نتيجة إصابتها بالكورونا، وأدخلت في البداية حسب الإجراءات المتبعة في بلدنا إلى المستشفى الحكومي الذي كانت خدماته جيدة جدا في البداية، لكن بعد أيام اشتد عليها المرض، وأصبحت خدمات المستشفى ضعيفة؛ فطلبت أن يتم نقلها إلى مستشفى خاص على نفقتها، وتم ذلك. ولكن حقيقة لا ندري أكان طلبها وقولها أنها ستتحمل التكاليف عن عتب علينا وغضب؛ لعدم إدخالها بمستشفى خاص منذ اليوم الثاني، لأنها لا تحب المستشفيات الحكومية؛ لعدم رضاها عن خدمات هذه المستشفيات عموما، أم كان طلبها عن رضى ورغبة منها -رحمها الله رحمة واسعة- ولكن قدر الله وتوفيت -رحمها الله رحمة واسعة، وأسكنها فسيح جناته- بعد فترة علاج طويلة بالمستشفيات الخاصة، نتج عنها تكاليف مرتفعة.
وخلال فترة العلاج قمت بدفع الجزء الأول من هذه التكاليف، ولم يكن في نيتي أن أستردها، وقام والدي بدفع الجزء الأكبر من هذه التكاليف من تحويشة عمره، فيما قام شقيقي بدفع الجزء المتبقي من مستحقات المستشفى يوم الوفاة. وقد دار بيننا نحن الإخوة الأربعة والأخوات الأربع نقاش حول هل يتم دفع تكاليف العلاج هذه من الإرث أم لا؟ وعليه أسأل فضيلتكم:
أولا: هل أذنبنا بعدم إدخالها لمستشفى خاص منذ البداية؟ وكيف نكفر عن هذا الذنب؟
ثانيا: هل يمكن اعتبار طلبها -رحمها الله رحمة واسعة- بنقلها لمستشفى خاص وصية؟ وكيف نتعامل مع ذلك؟
وهل يجوز لنا استقطاع كل تكاليف العلاج من تركتها وإعادة هذه التكاليف لمن دفعها سواءًا كان ميسور الحال أم معسرًا؟ علمًا بأن التكاليف وصلت لما يقارب ثلاثة أرباع التركة (بعد احتساب الديون، وتنفيذ وصية شفهية بإخراج صدقات عنها)، أم ما تم تسديده من طرف ولديها ومن طرف والدنا -حفظه الله- الذي هو متقاعد منذ فترة طويلة وليس لديه دخل خاص به، هو واجب شرعي علينا، ولا يجوز لنا استرداده؟
أفيدونا بارك الله فيكم، ولكم الشكر.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا إثم عليكم في عدم إدخال الوالدة -رحمها الله- مستشفى خاصا في بداية مرضها.
وما دامت الوالدة قد سألت نقلها إلى مستشفى خاص على نفقتها؛ فالأصل أنّها تتحمل نفقات هذا المستشفى.

لكن من دفع شيئا من هذه النفقات غير ناو الرجوع بها على الأمّ؛ فليس له أن يرجع بعد ذلك ويطالب بما دفعه.

وأمّا من دفع شيئا ناويا الرجوع على الأمّ بما دفعه؛ فله أن يطالب باسترجاع ما دفعه من تركة الأمّ، إذا حلف أنّه قد نوى الرجوع بما أنفقه.

ويكون هذا من الديون التي تخرج من التركة قبل الوصية، وقبل قسم التركة، ففي سنن الترمذي عن علي -رضي الله عنه-: أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بالدين قبل الوصية.

وللمزيد، راجع الفتوى: 46068

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني