الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل إخراج الكفارة شرط لصحة التوبة من الحلف؟

السؤال

هل التوبة تكفي لمن كان يحلف كثيرا ولا يؤدي كفارة ما حلف عليه، وبعدها تاب من هذا الفعل؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن الحنث في اليمين ليس بمحرم أصلا، إلا إن كانت اليمين على فعل واجب أو ترك محرم، جاء في مطالب أولي النهى: فمن حلف على فعل مكروه أو حلف على ترك مندوب، سن حنثه وكره بره، لما يترتب على بره من ترك المندوب قادرا، ومن حلف على فعل مندوب أو ترك مكروه، كره حنثه، وسن بره، لما يترتب على بره من الثواب بفعل المندوب، وترك المكروه امتثالا، ومن حلف على فعل واجب أو على ترك محرم، حرم حنثه، لما فيه من ترك الواجب أو فعل المحرم، ووجب بره، لما مر، من حلف على فعل محرم أو ترك واجب، وجب حنثه، لئلا يأثم بفعل المحرم أو ترك الواجب، وحرم بره لما سبق، ويخير من حلف في مباح، ليفعلنه أو لا يفعله بين حنثه وبره، وحفظها فيه أولى من حنثه؛ لقوله تعالى: واحفظوا أيمانكم {المائدة:89}. اهـ.

وعلى كل: فإن إخراج الكفارة ليست شرطا في صحة التوبة من الحنث في اليمين على فعل واجب أو ترك محرم، وقد حقق بعض العلماء أن إخراج ما وجب في الزكاة أو رد المظالم إلى أهلها ليست شروطا لصحة التوبة، بل هي واجبات مستقلة زائدة عن التوبة، جاء في الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني للنفراوي: وحقيقة التوبة اصطلاحا وشرعا: الندم على المعصية من حيث هي معصية مع عزم أن لا يعود إليها إذا قدر، فمن ندم على شرب الخمر لما فيه من الصداع أو لإضاعة المال لم يكن تائبا... وحقيقة الندم تحزن وتوجع على الفعل، وتمني كونه لم يقع... وإذا لم يرد المظالم مع الإمكان: فصحح الإمام توبته مع الجمهور، وقيل إنها لا تصح إلا برد المظالم إلى أهلها ...

قال في شرح المقاصد: ثم المعصية الذي يتوب منها إن كانت في خالص حق الله تعالى فقد يكفي الندم كما في ارتكاب الفرار عند الزحف وترك الأمر بالمعروف، وقد يفتقر إلى أمر زائد كتسليم النفس في الشرب وتسليم ما وجب في ترك الزكاة، وإن تعلقت بحقوق العباد لزم مع الندم رضا العبد أو بذله إليه إن كان الذنب ظلما كما في الغصب وقتل العمد، ولزم إرشاده إن كان الذنب إضلالا له واعتذاره إليه إن كان إيذاء كما في الغيبة، ولا يلزم تفصيل ما اغتابه به إلا إذا بلغه على وجه أفحش، ولكن التحقيق أن هذا الزائد واجب آخر عن التوبة، لقول إمام الحرمين: إن القاتل إذا ندم من غير تسليم نفسه للقصاص صحت توبته في حق الله تعالى، وكان منع نفسه من مستحق القصاص معصية متجددة تستدعي توبة، ولا تقدح في التوبة من القتل .اهـ.

وانظر الفتوى: 403654.

وراجع للفائدة الفتوى: 250699.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني