الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل الفردوس أعلى درجة في الجنة؟

السؤال

هل الفردوس الأعلى هي أعلى درجة في الجنة للبشر، بدءًا من عصر الصحابة إلى يوم القيامة، أم إن درجة الصديقين أعلى منها؟ وهل نعيم الفردوس واحد، أم يتفاوت فيها مَن دخلوها؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالفردوس أعلى درجات الجنة، كما سبق بيانه في الفتويين: 124999، 154639، وهذا على إطلاقه لساكني الجنة من كل الطبقات والعصور، قال الطبري في تفسيره:

اختلف أهل التأويل في معنى الفردوس:

فقال بعضهم: عنى به أفضل الجنة، وأوسطها.

وأسند عن قتادة قال: "الفردوس: ربَوة الجنة، وأوسطها، وأفضلها". وعن أبي أسامة قال: "هي سرّة الجنة". وعن كعب قال: "ليس في الجنان جنة أعلى من جنة الفردوس".

ثم قال: وقال آخرون: هو البستان بالرومية.

* ذكر من قال ذلك -وأسند عن مجاهد قال: "الفردوس: بستان بالرومية"..

ثم قال: والصواب من القول في ذلك ما تظاهرت به الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأورد حديث: "الجَنَّةُ مِائَةُ دَرَجَةٍ، ما بينَ كُلّ دَرَجَتَيْنِ مَسِيرَةُ عامٍ، والفِرْدَوْسُ أعْلاها دَرَجَةً، ومِنْها الأنهَارُ الأربعةُ، والفِرْدَوْسُ مِنْ فَوْقِها، فإذَا سألْتُمُ اللهَ؛ فاسألُوهُ الفِرْدَوسَ" ... اهـ.

ولا نعلم شيئًا ورد فيما هو أعلى من ذلك، إلا ما جاء في خصوص درجة النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة، وهي منزلة الوسيلة؛ فيحتمل أنه أعلى الفردوس، وأفضله، قال المناوي في فيض القدير: (إذا سألتم الله تعالى) أي: أردتم سؤاله (فاسألوه الفردوس) لفظ سريانيّ، أو روميّ، أو قبطيّ (فإنه سِرُّ الجنة) بكسر السين وشد الراء: أفضل موضع فيها، والسِّرّ جوف كل شيء، ولُبّه خالصه. والمراد أنه وسط الجنة، وأوسعها، وأعلاها، وأفضلها. والوسط أبعد من الخلل والآفات من الأطراف .. وهذا الحديث ورد بألفاظ أخر، منها: ما في الصحيحين: "إذا سألتم الله، فاسألوه الفردوس؛ فإنه وسط الجنة، وأعلى الجنة" أي: في الارتفاع، وفوقه عرش الرحمن.

واستُشكِل بخبر أحمد عن أبي هريرة مرفوعًا: "إذا صليتم عليّ، فاسألوا الله لي الوسيلة أعلى درجة في الجبة، لا ينالها إلا رجل واحد، وأرجو أن أكون أنا هو"، وفي حديث آخر: "الوسيلة درجة عند الله، ليس فوقها درجة؛ فاسألوا الله لي الوسيلة"، فقضيته أن الوسيلة ‌أعلى ‌درجات ‌الجنة، وهي خاصّة به؛ فهي أعلى الفردوس.

وجُمِع بأنّ الفردوس أعلى الجنة، وفيه درجات؛ أعلاها الوسيلة، ولا مانع من انقسام الدرجة الواحدة إلى درجات، بعضها أعلى من بعض. اهـ.

وفي هذا جواب عن الجزئية الأخيرة من السؤال.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني