الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

اشتريت ذهبا من أخي، الذي يقيم بمدينة بعيدة عني. وقد أبلغته أني سأقوم بزيارته، وأدفع له ثمنه، وآخذ الذهب منه، وبنفس سعر الذهب في الوقت الذي اشتريته فيه. علما بأن هذا الذهب هو ميراث من والدتنا، ونحن نرغب في الحفاظ عليه؛ لما له من قيمة عاطفية لنا، ولا نريد أن يضيع منا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالظاهر أن الذهب الذي تقصدين هو حلي مصوغ، كان لوالدتكم.

وعليه؛ فإن كان ما جرى بينكما من حديث حول شراء الذهب، وتسمية الثمن، مجرد وعد بذلك، فلا حرج فيه.

وأما لو كان ما تم بينكما هو عقد بيع وشراء: أي أنك اشتريت الذهب بثمن معلوم، ستسلمينه إلى أخيك حينما تلقينه. فهذا العقد لا يصح في قول الجمهور؛ لأن الذهب مطلقا سواء كان سبائك، أو مصوغا، يشترط عند بيعه بالنقود التي يتعامل الناس بها، التقابض بمجلس العقد حقيقة أو حكما.

ولم يحصل شيء من ذلك هنا، بل تم تأجيل التقابض بينكما إلى أن تلتقيا، وذلك لا يصح؛ لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلاً بمثل، ولا تُشفُّوا بعضها على بعض، ولا تبيعوا الورق بالورق إلا مثلا بمثل، ولا تشفوا بعضها على بعض، ولا تبيعوا غائباً منها بناجز.... متفق عليه.

والأوراق النقدية تأخذ حكم الذهب، بجامِعِ الثمنيَّة.

وبعض العلماء فرَّق بين حكم بيع الذهب الذي لم تدخله الصَّنْعة، فاشترط فيه التقابض إن بيع بالنقود، وبين بيعه بعد ما يصاغ حليا، فقال: إن الحلي المصوغ يعتبر سلعة من السلع التي يصح بيعها دون شرط التقابض، وقد فصلنا ذلك في الفتوى: 104974

ومهما يكن من أمر، فالأحوط والأبرأ للذمة هو تأجيل عقد شراء الذهب إلى أن تلتقي بأخيك، وتسلميه الثمن، ويسلمك الذهب. وليكن حديثكما قبل اللُّقْيا مجرد وعد بإنشاء العقد فقط، وليس عقدا ملزما.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني