الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

واجب من أخرت قضاء الصلاة بضع دقائق بغير عذر

السؤال

سائلة تسأل عن حكم تضييع صلاة الفجر بشكل متكرر، واليوم لم تستيقظ لصلاة الفجر. ولما استيقظت لم تقم في نفس اللحظة لقضائها، بل انتظرت قليلا لبضع دقائق. ولما بدأت بالقضاء، حاضت في الركعة الثانية.
فهل لها من توبة؟ وهل يمكن أن يغفر الله لها، أم حتما ستعاقب على ذلك؟
نرجو من حضرتكم الإجابة.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن من أعظم ما يتقرب به العبد إلى ربه -تبارك وتعالى- هو أداء ما افترض عليه. والصلاة من آكد ذلك، وقد فرضها الله -تعالى- على عباده في أوقات محددة.

فلا يجوز للمسلم أن يتعمد تأخيرها عن وقتها، قال الله تعالى: فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا {النساء:103}.

وتوعَّد الذين يضيعونها، ويؤخرونها عن وقتها بالعقاب، فقال تعالى: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا {مريم:59}.

ومن تعمد تضييع صلاة الفجر، أو غيرها؛ فهوآثم بذلك، ومستحق لعقوبة الله تعالى، إذا لم يعف عنه.

والواجب على المسلم أن يحافظ على الصلاة في وقتها، وأن يستعين على ذلك باتخاذ الأسباب، والوسائل المُعينة على ذلك.
ومن غلبه النوم عن الصلاة حتى خرج وقتها، ولما استيقظ من نومه لم يبادر إلى قضائها بل أخرها بغير عذر، فهو آثم بذلك، على القول بوجوب قضاء الصلاة على الفور إلا لعذر، وهو مذهب الجمهور. خلافا للشافعية. وما ذكر في السؤال ليس بعذر يبيح التأخير.

ففي الصحيحين عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رضي الله تعالى عنه- أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: مَنْ نَسِيَ صَلَاةً؛ فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا، لَا كَفَّارَةَ لَهَا إِلَّا ذَلِكَ. قَالَ قَتَادَةُ: وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي {طه:14}. وهذا لفظ مسلم. وفي رواية له: مَنْ نَسِيَ صَلَاةً، أَوْ نَامَ عَنْهَا، فَكَفَّارَتُهَا أَنْ يُصَلِّيَهَا إِذَا ذَكَرَهَا.

وجاء في الإقناع للحجاوي -الحنبلي-: ومن فاتته صلاة مفروضة فأكثر، لزمه قضاؤها مرتبا على الفور إلا إذا حضر صلاة عيد. ما لم يتضرر في بدنه أو ماله، أو معيشة يحتاجها. ويجوز التأخير لغرض صحيح كانتظار رفقة، أو جماعة لصلاة. اهـ.

وبناء على هذا القول، فإن كانت السائلة أخرت القضاء بضع دقائق بغير عذر، أثمت بذلك، والصلاة باقية في ذمتها. فإذا طهرت فعليها قضاؤها مع التوبة والاستغفار، ومن تاب تاب الله عليه مهما عظُم ذنبه، قال تعالى: قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر:53}.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني