الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم تربية أحد الورثة الماشية في الدار الموروثة المشتركة

السؤال

مات أب، وترك 4 إخوة ذكور، وترك لهم منزلا يسكن كل منهم في شقة، وكان للوالد نشاط بجانب وظيفته، وهي الزراعة، وتربية بعض الماشية. وكانت تربية الماشية تتم في المخزن أسفل البيت، والفناء الداخلي للبيت.
هل يحق لأحد الإخوة الانتفاع بهما دون إذن الاخرين؟ وهل لأحد الإخوة عدم الموافقة على استمرار تربية المواشي داخل المنزل؟ وهل لهم عدم الأخذ برأيه، وإجباره على أخذ قيمة إيجارية، أو امتلاكه، أو دفع نصيبه منها؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقولك إن أباك ترك إخوة، هذا يعني - في ظاهر اللفظ - إخوته هو، والإخوة لا يرثون أخاهم مع وجود ابنه، وإن كنت تعني بالإخوة الأربعة أي أبناءه الأربعة ــ وسميتهم إخوة باعتبارهم إخوة لك أنت، وهذا غلط في عرض السؤال ــ فإن المنزل بما فيه من مخزن، وفناء يكون للورثة جميعا، ولكل واحد منهم نصيب مشاع فيه بقدر نصيبه الشرعي في الميراث، وقد قدمنا في الفتوى: 469045، أن الشريك ينتفع بالمساحات المشتركة بما جرت به العادة، ولا ضرر فيه على بقية الشركاء، كما نص الفقهاء على أن الدار المشتركة للشريك أن يفعل فيها ما هو من ضرورات السكن.

جاء في مجمع الأنهر من كتب الحنفية: فِي الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الشُّرَكَاءِ أَنْ يَفْعَلَ فِيهَا مَا هُوَ مِنْ ضَرُورَةِ السُّكْنَى.. اهــ.

وتربية الغنم في المنزل ليست من ضرورات السكن، وفيها ضرر على الشركاء - فيما نرى - وليست من منفعة السكنى في الأصل، وقد نص الفقهاء على أن الدار المشتركة إذا رفض أحد الشركاء السكن فيها جميعا، وطالب بالتناوب، والانفراد في السكن، أو التأجير منه، أجبر البقية عليه، فكيف يجبرون على إدخال الغنم في المنزل.

جاء في العقود الدرية لابن عابدين الحنفي: (سُئِلَ) فِي دَارٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ زَيْدٍ، وَعَمْرٍو غَيْرِ قَابِلَةٍ لِلْقِسْمَةِ سَكَنَهَا زَيْدٌ وَحْدَهُ، وَلَا يَرْضَى عَمْرٌو بِالسُّكْنَى مَعَهُ فِيهَا، وَقَالَ: إمَّا أَنْ تُؤَجِّرَنِي حِصَّتَك، أَوْ تَسْتَأْجِرَ مِنِّي حِصَّتِي، أَوْ يَسْكُنُهَا كُلٌّ مِنَّا بِمُفْرَدِهِ بِحَسَبِ حِصَّتِهِ مُدَّةً فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ، وَيَأْمُرُ الْقَاضِي زَيْدًا بِاخْتِيَارِ وَجْهٍ مِن الْأَوْجُهِ الثَّلَاثَةِ، أَوْ يَخْرُجَ مِنْهَا زَيْدٌ، وَتُؤَجَّرَ لِأَجْنَبِيٍّ، وَيَقْتَسِمَانِ الْأُجْرَةَ بِحَسَبِ حِصَصِهِمَا. اهــ.
وراجع في ذلك الفتوى: 66593 . والفتوى: 104153 .
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني