الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الإنصات للقرآن لا يجب إلا في الصلاة أو الخطبة

السؤال

أثناء عملي في إحدى الإدارات الحكومية، يقوم زميلي في غرفة مجاورة بتشغيل إذاعة القرآن الكريم دائمًا.
السؤال: أنا في الغرفة الأخرى أكون على جهاز الكمبيوتر، وأحب أن أستمع لبعض الأشياء أو الأناشيد، أو بعض الفيديوهات.
فهل يجب عليَّ عدم تشغيلها، أو الاستماع إليها في حال أن زميلي يقوم بتشغيل إذاعة القرآن الكريم، وصوتها مسموع عندي؟
وهل أنا ملزم بالإنصات في هذه الحالة؟
وشكرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن الإنصات للقرآن لا يجب إلا في الصلاة، أو الخطبة اتفاقًا.

قال الحافظ ابن كثير في تفسير قوله تعالى: وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ {الأعراف:204}: وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في الآية: قوله: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} يعني في الصلاة المفروضة، وكذا روي عن عبد الله بن المغفل.

وقال ابن جرير: حدثنا حميد بن مسعدة، حدثنا بشر بن المفضل، حدثنا الجريري عن طلحة بن عبيد الله بن كريز، قال: رأيت عبيد بن عمير وعطاء بن أبي رباح يتحدثان، والقاص يقص، فقلت: ألا تستمعان إلى الذكر وتستوجبان الموعود؟ قال: فنظرا إليَّ ثم أقبلا على حديثهما، قال: فأعدت، فنظرا إليَّ وأقبلا على حديثهما، قال: فأعدت الثالثة، قال فنظرا إلي فقالا: إنما ذلك في الصلاة {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا}.

وكذا قال سفيان الثوري عن أبي هشام إسماعيل بن كثير عن مجاهد في قوله: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا}، قال: في الصلاة، وكذا رواه غير واحد عن مجاهد.

وقال عبد الرزاق عن الثوري، عن ليث عن مجاهد قال: لا بأس إذا قرأ الرجل في غير الصلاة أن يتكلم، وكذا قال سعيد بن جبير والضحاك وإبراهيم النخعي وقتادة والشعبي والسدي وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم: أن المراد بذلك في الصلاة.

وقال شعبة عن منصور: سمعت إبراهيم بن أبي حمزة، يحدث أنه سمع مجاهداً يقول في هذه الآية: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا}، قال: في الصلاة والخطبة يوم الجمعة، وكذا روى ابن جريج عن عطاء مثله، وقال هشيم عن الربيع بن صبيح عن الحسن قال: في الصلاة وعند الذكر. وقال ابن المبارك عن بقية: سمعت ثابت بن عجلان يقول: سمعت سعيد بن جبير يقول في قوله: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} قال: الإنصات يوم الأضحى، ويوم الفطر، ويوم الجمعة، وفيما يجهر به الإمام من الصلاة.

وهذا اختيار ابن جرير أن المراد من ذلك الإنصات في الصلاة وفي الخطبة، كما جاء في الأحاديث من الأمر بالإنصات خلف الإمام وحال الخطبة. انتهى.

وعليه؛ فلا يجب عليك الإنصات إلى ما يشغله زميلك من قرآن، ويجوز لك الاشتغال بغير ذلك من سماع مباح ونحوه، ما لم يكن في ذلك إضرار بالعمل.

وكذلك إذا كان في تشغيل إذاعة القرآن الكريم إضرار بالعمل، فعلى زميلك عدم تشغيلها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني