الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الهبة لشرط لم يقع، هل تورث؟

السؤال

خالي اشترى لنا أثاثًا لمنزل نملكه في أسوان، حيث إننا نقيم في القاهرة، وكان يقول لنا: لقد اشتريت لكم هذا الأثاث لكي تسكنوا في جواري، ولكننا لم نسكن هذا المنزل حتى الآن، وهو مغلق منذ 6 سنوات، ثم توفي خالي -رحمه الله-، وورثه أخوه -خالي الثاني-، وهو الوريث الوحيد له. فلمن تؤول ملكية هذا الأثاث؟ هل هي لي أنا وإخوتي ملاك هذا المنزل الذي يحوي الأثاث؟ أم لخالي بصفته الوريث الشرعي لخالي المتوفى؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فهذه المسألة من مسائل القضاء لا الفتوى، فينبغي الرجوع فيها إلى القاضي، أو من ينوب منابه من المحكَّمين من أهل العلم؛ فإنها تحتاج إلى سماع جميع أطرافها، والاطلاع على بيناتهم، ومعرفة تفاصيل الواقع.

وما يمكننا إفادة السائل به على وجه العموم أن الحكم في مثل هذه القضية يبنى على مسألتين:

الأولى: الحكم بصحة الهبة ونفاذها، بناء على الحكم بصحة قبضها وحيازة الموهوب له إياها؛ فإن الهبة لا تلزم، ولا تنفذ إلا بقبضها، وحوزها من الموهوب له.

كما سبق بيانه في عدة فتاوى، منها الفتويان: 43987، 58686.

والثانية: الحكم بتعلق هذه الهبة أو عدم تعلقها بشرط رجوعكم إلى أسوان، وسكنكم في جوار خالكم الذي كان يقول: (لقد اشتريت لكم هذا الأثاث؛ لكي تسكنوا في جواري)، وهذا لم يحصل منكم.

وذلك أن الهبة المشروطة لا تملك إلا إذا تحقق شرطها.

وراجع في ذلك الفتوى: 77508، والفتوى: 188131.

وأيضًا فقد نص بعض أهل العلم على لزوم مراعاة قصد الواهب.

قال النووي في «روضة الطالبين»: أعطاه درهمًا وقال: ادخل به الحمام، أو دراهم وقال: اشتر بها لنفسك عمامة، ونحو ذلك.

ففي فتاوى القفال: أنه إن قال ذلك على ‌سبيل ‌التبسط ‌المعتاد، ملكه وتصرف فيه كيف شاء. وإن كان غرضه تحصيل ما عيَّنه لما رأى به من الشعث، والوسخ، أو لعلمه بأنه مكشوف الرأس، لم يجز صرفه إلى غير ما عيَّنه. اهـ.

وقال مرعي الكرمي في «غاية المنتهى»: ويتجه: لو دفع نحو تمرة لصائم، ونحو ‌ثوب ‌لفقير ‌ليلبسه، تعيَّن له، إلا لغرض أعلى، كلصائم آخر، أو لفقير أجوع. اهـ.

وقال البرماوي الشافعي: من أعطي على ظن صفة، وهو في الباطن بخلافها، ولو علم لم يعط، لا يملك ما يأخذه، ويجري ذلك في سائر عقود التبرع. اهـ. نقله البجيرمي في حاشيته على شرح المنهج. وانظر للفائدة الفتويين: 379540، 154743.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني