الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

زوجي توفي هو وابنتي الصغيرة في الزلزال، وبقيت أنا وطفلتي الأخرى التي تبلغ من العمر سنتين وسبعة أشهر.
سؤالي: زوجي قبل وفاته اشترى أرضا في بلدنا الأصلي، وكتبها باسم والدته، ولكنه أوصى بها لي، ولابنتي إن حصل له أمر مكروه، وشهّد أمه، وأباه وأخواته أنها وصيته بعد مماته، ولكل شيء يملكه غير هذه الأرض، ويوجد تسجيلات صوتية بهذا الأمر. وعندما طالبت أهله بهذه الأرض رفضوا رفضا تاما أن يبيعوها، أو حتى يقسموها، وقالوا لي: لك الربع منها، ولكن لن نبيعها، ونخسرها، وسوف نضع حق البنت الصغيرة للمستقبل، ونفكر أن نعطيها حقها بعد 18 سنة، وقالوا: الإنسان عايش سواء أعطينا الورثة أم لم نعطهم، وأجلوا الورثة تماما. وقالوا: لا تحلمي أننا سنبيعها ولو مر 100 سنة من الآن.
ماذا يتوجب علي أن أفعل، وللعلم أنا لا أطلب منهم مصروفا؛ لذلك طلبت حقي من الأرض، علما أن لدي دراسة جامعة، وتكاليفها على حسابي الشخصي.
وهم لا يبعثون شيئا للطفلة حتى بالأعياد.
فهل يجوز أن يؤجل التقسيم ل 18 سنة من الآن؟ وأن الطفلة لا تأخذ حقها من هذه الأرض؟ وأن يرفضوا تماما أن يعطونا حقنا فيها؟
وابنتي صغيرة. قلت لهم: كيف ستكبر 18 سنة، ولا تملك شيئا الآن، وتحتاج مصروفا، وأنا كذلك طالبة جامعية، وزوجي أوصى بها وصية. فماذا ترون؟
وجزاكم الله خيرا كثيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فهذه المسألة من مسائل الخصام فقد لا تفيد فيها الفتوى، والفيصل فيها هو المحكمة الشرعية .

ولكن للفائدة نقول:

أولا: وصيته بأن تكون الأرض لك ولابنتك بعد مماته هذه وصية لوارث، والوصية للوارث ممنوعة شرعا، ولا تمضي إلا برضا بقية الورثة، فإن لم يرضوا بإمضائها قُسِمَتِ الأرضُ بين جميع الورثة القسمة الشرعية، وانظري الفتوى: 121878، والفتوى: 170967 ، وكلاهما عن الوصية للوارث.

ثانيا: زوجة الميت لها الثمن ما دام لزوجها فرع وارث، وليس الربع، لقول الله تعالى: فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ {النساء: 12}، وإن خلف الميتُ بنتا واحدة فقط، وليس له ابن، فإن لابنته نصف الأرض؛ لقول الله تعالى في نصيب البنت الواحدة: وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ {النساء: 11}.

ثالثا: ليس من حق أحد من الورثة أن يؤخر تقسيم الأرض، ويمنع الورثة من أخذ حقهم فيها، ومن فعل ذلك فهو ظالم، وليُرفع أمره إلى القضاء حتى يُلْزِمَه بما يَلْزَمُهُ شرعا.

رابعا: الطفلة الصغيرة بعد وفاة أبيها يتصرف في نصيبها من الميراث وصيُّ أبيها إن كان أبوها قد عين وصيا عليها قبل مماته، فإن لم يعين وصيا عليها فإنه يرفع الأمر إلى القضاء حتى يعين وصيا عليها، ولا تكون لأمها وصاية على أموالها ابتداء من دون وصيةٍ من أبيها، أو تعيين من القضاء، وانظري الفتوى: 28545 ، في بيان من يتولى أموال القاصرين والعاجزين.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني