الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

النية المترددة في الصوم لا تجزئ

السؤال

الدورة الشهرية تكون معي: 8 أيام، واليوم هو الثامن، ونيتي أن أصوم رمضان إيماناً واحتساباً، وكنت متشككة في صيام أول يوم من رمضان بسبب الدورة، ولذا قلت إن طهرت فسأصوم، ونمت الليلة الماضية في العاشرة تقريبا، واستيقظت اليوم في السابعة صباحاً، وتفقدت، فوجدت الجفاف، أأصبر إلى منتصف النهار على الأقل؟ أم ماذا أفعل؟ وما حكم هذا اليوم في الصيام؟ وهل تجزئ نيتي؟ وهل هناك إثم عليّ، لعدم تفقدي الأمر قبيل الفجر؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فصيام رمضان، لا بد له من نية من الليل، فإذا لم تكوني أتيت بالنية الجازمة من الليل، لم يجزئكِ صوم هذا اليوم على الراجح، وعليك قضاؤه.

قال ابن قدامة الحنبلي في المغني: ولا يجزئه صيام فرض حتى ينويه أي وقت كان من الليل، وجملته أنه لا يصح صوم إلا بنية إجماعا، فرضا كان، أو تطوعا، لأنه عبادة محضة، فافتقر إلى النية كالصلاة، ثم إن كان فرضا كصيام رمضان في أدائه، أو قضائه، والنذر، والكفارة اشترط أن ينويه من الليل عند إمامنا، ومالك، والشافعي، وقال أبو حنيفة: يجزئ صيام رمضان، وكل صوم متعين بنية من النهار... ولنا ما روى ابن جريج، وعبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه، عن حفصة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من لم يبيت الصيام من الليل، فلا صيام له ـ وفي لفظ ابن حزم: من لم يجمع الصيام قبل الفجر، فلا صيام له ـ أخرجه النسائي، وأبو داود، والترمذي، وروى الدارقطني بإسناده، عن عمرة، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من لم يبيت الصيام قبل طلوع الفجر، فلا صيام له، وقال: إسناده كلهم ثقات. انتهى.

ثم الواجب عليكِ -على ما نختاره- أن تغتسلي فور رؤية الطهر، ولا تؤخري الغسل، ومن العلماء من يسهل في تأخير الغسل لنصف يوم، أو يوم، ريثما تتحقق المرأة من حصول الطهر، إذا رأت الطهر بالجفوف، وهو اختيار ابن قدامة، إذ قال -رحمه الله تعالى- في المغني: وَلَمْ يُفَرِّقْ أَصْحَابُنَا بَيْنَ قَلِيلِ الطُّهْرِ وَكَثِيرِهِ، لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَمَّا مَا رَأَتْ الطُّهْرَ سَاعَةً فَلْتَغْتَسِلْ ـ وَيَتَوَجَّهُ أَنَّ انْقِطَاعَ الدَّمِ مَتَى نَقَصَ عَن الْيَوْمِ، فَلَيْسَ بِطُهْرٍ، بِنَاءً عَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي حَكَيْنَاهَا فِي النِّفَاسِ، أَنَّهَا لَا تَلْتَفِتُ إلَى مَا دُونَ الْيَوْمِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ -إنْ شَاءَ اللَّهُ- لِأَنَّ الدَّمَ يَجْرِي مَرَّةً، وَيَنْقَطِعُ أُخْرَى، وَفِي إيجَابِ الْغُسْلِ عَلَى مَنْ تَطْهُرُ سَاعَةً بَعْدَ سَاعَةٍ حَرَجٌ يَنْتَفِي بِقَوْلِهِ: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ـ وَلِأَنَّنَا لَوْ جَعَلْنَا انْقِطَاعَ الدَّمِ سَاعَةً طُهْرًا، وَلَا تَلْتَفِتُ إلَى مَا بَعْدَهُ مِن الدَّمِ، أَفْضَى إلَى أَنْ لَا يَسْتَقِرَّ لَهَا حَيْضٌ، فَعَلَى هَذَا لَا يَكُونُ انْقِطَاعُ الدَّمِ أَقَلَّ مِنْ يَوْمٍ طُهْرًا، إلَّا أَنْ تَرَى مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ، مِثْلُ أَنْ يَكُونَ انْقِطَاعُهُ فِي آخِرِ عَادَتِهَا، أَوْ تَرَى الْقُصَّةَ الْبَيْضَاءَ. انتهى.

والذي نفتي به هو الأول، وهو الأحوط، وتنظر الفتوى: 118817

ونيتكِ المترددة لا تجزئكِ، وإنما يجزئ الحائض نيتها من الليل، إذا كانت لها عادة، بحصول الطهر، فنوت نية جازمة من الليل، وانظري الفتوى: 127130.

وإذا تفقدت الطهر قبل نومكِ، فلم يكن عليكِ تفقده قبل الفجر، وقد بينا الوقت الذي يجب على المرأة تفقد الطهر فيه في الفتوى: 423937.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني