الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من أخذ ما لا يستحق من سِلَع التموين رَدَّ مثلها، وإن لم يَجِد فقيمتها

السؤال

كنت مُقيَّدة على بطاقة تموينية يستخدمها أبي -رحمه الله-، ولم أكن أعيش معه، ولست في حاجة شخصية لها؛ لأني أعمل، ولدي دخل، الحمد لله.
الآن توفي أبي منذ عدة أشهر، وأريد أن أرد ما يوازي قيمة ما صُرف من التموين على اسمي منذ 12 سنة.
فهل علي أن أرده بقيمته في كل سنة؟ مثال: 21 جنيها: 2011، و35 جنيها: 2014، وهكذا، أو أرد قيمة الدعم لآخر مرة صُرف فيها التموين مضروبة في السنين الفائتة كلها؛ نظرا لاختلاف سعر المنتجات في وقت الرد؟
جزاكم الله خيرا على المساعدة.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فنقول ابتداء: إن الذي علمناه عن نظام التموين في بلد السائلة هو أن عملها، وكونها لا تقيم مع أبيها لا يمنعها من استحقاق التموين، حتى لو كان راتبها كبيرا، ولا تطالب الدولة من يأخذ التموين بإخراج نفسه منه، وإنما الدولة هي التي تقوم بحذف بعض الأشخاص بناء على اعتبارات لديها.

فكون الأخت السائلة كانت تأخذ تلك التموينات لنفسها طول تلك المدة، هذا لا يلزم منه أنها أخذت ما لا تستحقه، فلا مؤاخذة عليها.

ولو فُرِضَ أنها أخذت ما لا تستحقه، وأمكن أن ترده للدولة، فإنه يتعين أولا رد مثلها إن كان لها مثل. فإن أخذت من الدقيق -مثلا- عشرين كيلو، فإنك تردين عشرين كيلو من الدقيق، وإن أخذت من الزيت عشرين لترا، فتردين مثلها، وهكذا، ولا يُلجأ للقيمة مع وجود المثل، وإن فُقِدَ المثل، فتردين قيمته. جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: لاَ نَعْلَمُ خِلاَفًا فِي أَنَّ الْمُتْلَفَ إِنْ كَانَ مِثْلِيًّا ضُمِنَ بِمِثْلِهِ، وَإِنْ كَانَ قِيَمِيًّا ضُمِنَ بِقِيمَتِهِ. كَمَا لاَ نَعْلَمُ خِلاَفًا فِي أَنَّ تَقْدِيرَ الْقِيمَةِ يُرَاعَى فِيهِ مَكَانُ الإْتْلاَفِ.

وَأَمَّا إِذَا فُقِدَ الْمِثْلِيُّ، بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ فِي الأْسْوَاقِ، فَقَدِ اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ كَذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ يُعْدَل عَنِ الْمِثْلِيِّ إِلَى الْقِيمَةِ، وَلَكِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي تَقْدِيرِهَا. أَيُرَاعَى وَقْتُ الإْتْلاَفِ؟ أَمْ وَقْتُ انْقِطَاعِهَا عَنِ الأْسْوَاقِ؟ أَمْ وَقْتُ الْمُطَالَبَةِ؟ أَمْ وَقْتُ الأْدَاءِ؟

فَأَبُو حَنِيفَةَ اعْتَبَرَ يَوْمَ الْحُكْمِ.

وَالْمَالِكِيَّةُ، وَأَبُو يُوسُفَ اعْتَبَرُوا يَوْمَ الْغَصْبِ إِنْ كَانَ مَغْصُوبًا، وَيَوْمَ التَّلَفِ إِنْ لَمْ يَكُنْ مَغْصُوبًا.

وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ اعْتَبَرَ يَوْمَ انْقِطَاعِ الْمِثْل؛ لأِنَّهُ وَقْتُ الاِنْتِقَال مِنَ الْقِيمَةِ إِلَى الْمِثْل.

وَأَمَّا الشَّافِعِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ فَالأْصَحُّ عِنْدَهُمُ اعْتِبَارُ أَقْصَى مَا بَلَغَتْ قِيمَتُهُ مَا بَيْنَ التَّلَفِ، وَالأْدَاءِ (التَّنْفِيذِ). اهــ.

والقول المرجح في موقعنا اعتبار وقت التلف، كما في الفتوى: 55134.

فيُنظر في قيمة السلع يوم استهلكتيها، فإن كانت قيمة الدقيق يوم أخذتيه في سنةٍ ما تساوي مائة دينار، فتردين قيمته عن تلك السنة مائة دينار، وإن زادت قيمته في السنة التالية إلى مائة وخمسين، فتردين عن السنة التالية مائة وخمسين، وهكذا. وإن تعذر بكل حال رده إلى الدولة، صرفته على الفقراء، والمساكين.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني