الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

قضاء الفوائت غير معلومة العدد

السؤال

مرت عليَّ سنتان -تقريبا- كنت لا أستيقظ للفجر أغلب الأيام، بسبب النوم. وأحيانا كانت تفوتني صلوات في تلك الفترة: الظهر، أو العصر، أو المغرب، أو العشاء-، وكلها بسبب النوم، أو النسيان، وكلها ليست عن عمد، ولكنني تثاقلت قضاءها، حتى تراكمت، فكيف أقضي تلك الصلوات؟
وهل تقضى ظهرا، ثم عصرا، ثم مغربا، ثم عشاء، ثم فجرا، بشكل مستمر؟ أم أبدأ بالفجر مثلا؟ لأنني في بداية ما حصل كانت الفجر -غالبا فقط- هي ما يفوتني، ولا أتذكر الأيام التي صليتها كاملة، ولا الأيام التي فاتني فيها عدد من الصلوات، ولا متى كانت؟
فهل أحسب لكل يوم: خمس صلوات لسنتين؟ أم أقدر عدد ما فاتني؟ وكيف أقضيه؟ وهل بنفس الترتيب الذي ذكرته لكم: ظهرا، ثم عصرا إلخ؟ وكيف أبدأ في القضاء؟ وما هو العدد الذي عليَّ قضاؤه؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فقد اشتمل سؤالك عدة أمور، وسيكون الجواب في النقاط التالية:

1ـ النوم قبل دخول الوقت جائز -ولو مع ظن فوات وقت الصلاة- لعدم الخطاب بها حينئذ، كما سبق تفصيله في الفتوى: 168907.

وقال بعض أهل العلم: بوجوب الأخذ بأسباب الاستيقاظ؛ من ضبط منبه، أو توكيل من يوقظه، فإن تقصيره في الأخذ بالأسباب يترتب عليه الإثم، كما في الفتوى: 119406.

2ـ قد أخطأت في التهاون بقضاء ما فاتك من الصلوات، فإن قضاءها يجب على الفور عند جمهور أهل العلم، كما تقدم في الفتوى: 232468.

وقد اختلف أهل العلم في حكم ترتيب فوائت الصلاة هل واجب؟ أم غير واجب؟ وقد سبق بيان كلامهم في ذلك في الفتوى: 96811.

3ـ فاجتهد في تقدير ما فاتك من صلاة الفجر، وغيرها من الصلوات، ثم واصل القضاء حتى يغلب على ظنك براءة الذمة.

جاء في المغني لابن قدامة: إذا كثرت الفوائت عليه يتشاغل بالقضاء، ما لم يلحقه مشقة في بدنه، أو ماله، أما بدنه: فأن يضعف، أو يخاف المرض، وأما في المال: فأن ينقطع عن التصرف في ماله، بحيث ينقطع عن معاشه، أو يستضر بذلك، وقد نص أحمد على معنى هذا، فإن لم يعلم قدر ما عليه فإنه يعيد حتى يتيقن براءة ذمته، قال أحمد في رواية صالح في الرجل يضيع الصلاة: يعيد حتى لا يشك أنه قد جاء بما قد ضيع، فإن نسي صلاة من يوم لا يعلم عينها، أعاد صلاة يوم وليلة، نص عليه، وهو قول أكثر أهل العلم، وذلك لأن التعيين شرط في صحة الصلاة المكتوبة، ولا يتوصل إلى ذلك ههنا إلا بإعادة الصلوات الخمس، فلزمه. اهـ.

4ـ في حالة ما إذا كنت تجهل أول صلاة ضيعتها، فلك أن تبدأ في القضاء من صلاة الصبح، والمستحب البدء بصلاة الظهر، جاء في منح الجليل لمحمد عليش المالكي: وندب تقديم ظهر في قضاء الست؛ لأنها أول صلاة، صلاها جبريل عليه السلام، بالنبي صلى الله عليه وسلم، صبيحة ليلة الإسراء عند الأكثر، وقيل يبدأ بالصبح، ابن عرفة: وهو أولى..... لأنها أول صلاة النهار. انتهى.

وللمزيد عن كيفية قضاء الفوائت انظر الفتوى: 61320.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني