الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

العمل في تغليف السلع المعيبة

السؤال

أعمل في تغليف ملابس نسائية، وهذه الملابس تحتوي على بعض العيوب أحياناً، لكنني أضعها في العلبة لتباع، وهذا بطلب من مسؤول المراقبة، وصاحب الورشة. فهل المال الذي أكسبه من هذا العمل حلال أم حرام؟ وهل يجوز أن أعتمر بهذا المال؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإذا كانت السلعة المعيبة تباع دون تبيين للمشتري: فهذا من الغش المحرم شرعًا، وفي الحديث قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: من غش، فليس منا. أخرجه مسلم.

وفي صحيح ابن حبان: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: من غشنا فليس منا، والمكر والخداع في النار.

فلا يجوز لك العمل في تغليف السلع المعيبة التي تعلمين أنها ستباع دون بيان، لما في ذلك من الإعانة على الغش، ومن القواعد المقررة في الشريعة أن الإعانة على معصية الله محرمة، قال تعالى: وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:2}.

قال ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى: إذا أعان الرجل على معصية الله كان آثمًا، لأنه أعان على الإثم والعدوان، ولهذا لعن النبي -صلى الله عليه وسلم- الخمر، وعاصرها، ومعتصرها، وحاملها، والمحمولة إليه، وبائعها، ومشتريها، وساقيها، وشاربها، وآكل ثمنها، وأكثر هؤلاء -كالعاصر والحامل والساقي-، إنما هم يعاونون على شربها، ولهذا ينهى عن بيع السلاح لمن يقاتل به قتالًا محرمًا -كقتال المسلمين، والقتال في الفتنة-. اهـ.

فيجب عليك الامتناع عن تغليف الملابس المعيبة التي تباع دون بيان، ولو أدى امتناعك إلى ترك العمل بالكلية.

وأما أجرة العمل الذي فيه إعانة على المحرم -كتغليف الملابس المعيبة التي تباع دون بيان-: فمختلف في إباحتها، وانظري التفصيل في الفتوى: 425494.

لكن إن كان تغليف الملابس المعيبة المبيعة دون بيان ليس له عوض مخصوص، والراتب مقابل الوظيفة -وهي على عمل مباح في الأصل هو تغليف الملابس عمومًا-: فالراتب مباح، كما نبهنا عليه في الفتوى: 342157.

وأما العمرة بالمال المحرم: فهي صحيحة عند جمهور العلماء، وانظري الفتويين: 384337.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني