الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

رجوع الوالد في الهبة ليشرك فيها كل الأولاد هو الصواب والعدل

السؤال

توفي والدنا رحمه الله وطيب ثراه، بعد أن كتب وصيته بواسطة محامي وحضور شهود، ووصى فيما وصى أن يؤول منزله لوالدتنا رحمها الله وطيب ثراها، والكل ارتضى هذه الوصية، وفي أثناء إجراءات تسجيل الوصية لدى جهات الاختصاص بالدولة، قررت والدتنا أن تهب المنزل للأولاد، وبرضا الجميع تم تسجيل المنزل في أسماء الأولاد، وبعد أكثر من ثلاثة عشر عاما وأحوال والدتنا الصحية تدهورت، بدأ البنات يطلبن منها استعادة المنزل من الأولاد وأنه حرام عليها أن تفضل بين أبنائها ... و...وبالفعل تأثرت بكلامهن وطلبت مني (بقية إخوتي كانوا خارج الوطن)، استعادة المنزل، فقلت لها حاضر (وكان لا يمكن أن أقول لها وهي في تلك الحالة الصحية ضغط، سكري، قلب)، وأنا في قرارة نفسي غير راض، علما بأن القرار ليس لي وحدي، توفيت والدتي العام الماضي وبدأ البنات يطالبن باسترداد المنزل، وأن ما طلبته مني والدتي باستعادة المنزل هو وصية يجب تنفيذها، ومنهم من يقول لي إن والدتي سينالها العذاب لأنها فضلت بين أبنائها وأنه يجب تنفيذ وصيتها لإراحتها في قبرها وتجنيبها العذاب، أفتوني يرحمكم الله؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن الوصية للوارث لا تجوز شرعاً، ولا تنفذ إلا إذا أجازها باقي الورثة، لما في الحديث: إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث. رواه الترمذي وصححه الألباني، وفي رواية للبيهقي والدارقطني: لا تجوز الوصية لوارث إلا أن يشاء الورثة. وهذه الزيادة حسنها ابن حجر في بلوغ المرام.

وظاهر سؤالك أن الورثة أجازوا وارتضوا وصية الوالد، وبناء عليه فإنه لا حرج في تنفيذ تلك الوصيه، وهذا عن الوصية الأولى، ونعني بها وصية الوالد بأن يعطى المنزل للوالدة.

وأما تنازل الوالدة لأبنائها الذكور عن ذلك المنزل فإنه مخالف لأمر الرسول صلى الله عليه وسلم بالعدل بين الأولاد في العطية، حيث يقول في حديث الصحيحين: اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم. وفي الحديث الآخر: سووا بين أولادكم في العطية، فلو كنت مفضلاً أحدا لفضلت النساء. رواه سعيد بن منصور في سننه وحسن سنده ابن حجر.

وبناء عليه؛ فإن لها أن ترد عطيتها الجائرة كما رد بشير بن سعد عطيته لولده النعمان كما في حديث الصحيحين؛ بل إن العطية للولد يجوز لأبيه الرجوع فيها، كما يدل له الحديث: لا يحل للرجل أن يعطي عطية أو يهب هبة فيرجع فيها إلا الوالد فيما يعطي ولده. رواه أحمد وأبو داود والترمذي والحاكم، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي والألباني.

وبناء عليه؛ فإن الأم إذا قررت الرجوع في عطيتها ليشترك فيها جميع الأولاد رجوعاً منها إلى الصواب والعدل بين الجميع، فإن عليكم أن تطيعوها في ذلك نظراً لوجوب طاعتها، ولإيجاب بعض أهل العلم رجوع الوالد في عطيته الجائرة حتى يعدل بين الأولاد.

ثم إن عليكم من باب المروءة والإحسان إلى الضعفاء والأرحام أن تكونوا أحرص إلى إيصال الحق لأخواتكم إن لم تتنازلوا لهن عن حقكم الخاص بكم، وننصحكم بمراجعة المحاكم الشرعية وفقهاء بلدكم للنظر في ملابسات الموضوع، ولا مانع من أن تطلع تلك الجهات على هذه الفتوى وما معها من إحالات، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 28274، 5348، 38399.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني