الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كتم الابن أسراره الخاصة عن أمه

السؤال

أنا رجل متزوج وأعيش مع أمي... مشكلتي مع أمي العزيزة أنها لا تحفظ سراً من أسرار البيت.. فهي وللأسف الشديد.. تنقل كل ما يدور ويقال في البيت للغير من الأقارب والجيران والمعارف وبكامل التفاصيل.. فإذا حدثتها بسر فهي تنقله للغيروإذا رأت مني أو من زوجتي أو أطفالي أي تصرف أو سلوك ما فهي تنقله ولا مشكلة عندها أبداً، وهذا الشيء في الحقيقة يضعني في أكثر من مرة في مواقف محرجة مع إخوتي وأقاربي، حتى بت أشعر بأني أعيش في بيت من زجاج الجميع يرون ما يدور داخله، حدثتها عن هذا الأمر أكثر من مرة وأفهمتها بأن هذا الأمر لا يجوز... ولكن دون فائدة، فصرت أكتم عنها أسراري.. بل وصل بي الأمر إلى عدم الحديث معها عن أي أمر يخصني أو يخص زوجتي وأطفالي حتى لا تنقله خارج البيت، وحتى تفهموا ما أعانيه.. فأمي ليس لديها حرج في أن تنقل هذه المواضيع (موعد الدورة الشهرية لزوجتي، عدد مرات استحمامي، ما نأكل ما نشرب، عدد الصحون التي كسرت، كيف أعامل أطفالي، أي حديث أتحدث به معها حتى وإن كان فيه ما يسيئ للغير، تفاصيل زياراتنا ونزهاتنا بكل دقة، من زارنا وماذا قال وماذا قلنا له... وغيرها الكثير)، علماً بأني وزوجتي ملتزمون دينياً.. وأنا بإذن الله تعالى بار بوالدتي وأحبها أكثر من نفسي وكذلك زوجتي فهي تخدمها خدمة البنت لوالدتها.. ونحن دائماً معها ولا نفارقها إلا عند النوم، والسؤال هو: هل كتمي لأسراري وعدم الخوض مع أمي في أحاديث سوف تنقلها للغير جائز لي شرعاً، أم أني أصبر وأحتسب.. وهذا من طاعة الوالدين التي أمرنا الله بها وأجرنا على الله، أفيدوني أفادكم الله؟ وجزاكم الله عنا كل خير.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا ريب أن بر الأم وطاعتها بالمعروف من أفضل القرب والواجبات التي يتقرب بها إلى الله سبحانه وتعالى وذلك لما للأم من حق على من ولدت، قال الله تعالى: وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا {الأحقاف:15}، وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال أبوك.

ومن هذا تعلم مقدار منزلة الأم في الإسلام فإياك أن تدخر جهداً في سبيل مرضاتها مما ليس فيه مخالفة للشرع، وبخصوص ما ذكرته من تمادي هذه الأم على إفشاء أسرارك وأسرار أهل بيتك فيمكنك معالجته بالتدرج في هذه الأمور التالية:

1- مناصحتها بلين ورفق وإخبارها بالمفاسد المترتبة على ذلك.

2- الحرص على كتم الأسرار التي لا تود أن يطلع الغير عليها، وإن أرادت الاطلاع على شيء من تلك الأسرار فحاول التورية وعدم المصارحة.

3- الاستقلال عنها في بيت آخر إذا لم تخش عليها من الضياع بحيث تجد من يخدمها ويقوم بشؤونها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني