الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من حضرته الصلاة وخاف لو نزل انقطاعا عن رفقته أو على نفسه

السؤال

هل يصح في أي وجه من الأوجه تأخير صلاة الفجر أو النية في قضائها بعد مرور وقتها للشخص الراكب أو المسافر مع مجموعة من الأشخاص من تاركي الصلاة أو من الكفار وكانت وسيلة السفر هي البر وان كان طلب التوقف خلال السفر يتوجب حصول مشكلة أو نزاع أو مفسدة كبيرة بين هذا الراكب وبقية المسافرين والسائق ...وإن لم يرضوا بالوقوف ولو لدقائق لأداء فريضة صلاة الفجر . فهل يصح ما سبق من نية لتأخيرها أو قضائها ..فهذا يحصل كثيرا في السفر عن طريق البر ... أجيبوني على سؤالي بدون إحالة إلى سؤال آخر جزاكم الله عني وعن المسلمين خير الجزاء .

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن الصلاة لها أوقات محددة لا يجوز تأخيرها عنها ولا تقديمها عليها إلا في حالات الجمع بين الظهر والعصر لأجل السفر أو العذر، وكذلك العشاء والمغرب، أما الفجر فإنه لا يجوز تأخيرها عن وقتها الذي ينتهي بطلوع الشمس إلا أن يكون الشخص نائما أو ناسيا، فهذا شيء خارج عن طاقة الشخص.

وعليه؛ فإنه لا يجوز للأخ السائل أن يؤخر صلاة الفجر عن وقتها، فإذا خاف فوات رفقته عنه وكان لا يستطيع إيقافهم حتى يصلي فعليه أن يصلي على الحالة التي هو فيها ويستقبل القبلة ويقوم ويركع ويسجد ويطمئن في صلاته إن أمكن هذا كله، فإن لم يمكن استقبل عند تكبيرة الإحرام وصلى حسبما يستطيع، وعليه أن يعيد احتياطا بعد ما ينزل إلى الأرض، قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين في الشرح الممتع عند قول المؤلف: ويصح الفرض على الراحلة خشية التأذي لوحل، قال: وقال في الشرح يعني الروض المربع: وكذا إن خاف انقطاعا عن رفقة يصلي على الراحلة ولو مع الأمن لأن الإنسان إذا انقطع عن رفقته فلربما يضيع، وربما يحصل له مرض ونوم أو ما أشبه ذلك فيتضرر، فإذا قال: إن نزلت وبركت البعير وصليت فاتت الرفقة وعجزت عن اللحاق بهم وإن صليت على بعيري فإني أدركهم، نقول له: صل على البعير، لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا، وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ. انتهى.

وقال النووي رحمه الله تعالى في المجموع، ولو حضرت الصلاة وخاف لو نزل ليصليها على الأرض إلى القبلة انقطاعا عن رفقته أو خاف على نفسه أو ماله لم يجز ترك الصلاة وإخراجها عن وقتها، بل يصليها على الدابة لحرمة الوقت، وتجب الإعادة لأنه عذر نادر. انتهى.

وقال ابن عابدين في رد المحتار على الدر المختار: واعلم ان ما عدا النوافل من الفروض والواجب بأنواعه لا يصح على الدابة إلا على الضرورة كخوف لص على نفسه أو دابته أو ثيابه لو نزل، وخوف سبع وطين ونحوه، قال: فيومئ عليها بشرط إيقافها جهة القبلة إن أمكنه وإلا فبقدر الإمكان، وإذا كانت تسير لا تجوز الصلاة عليها إذا قدر على إيقافها. انتهى.

ومعلوم أن السيارات اليوم مثل الرواحل والدواب.

وخلاصة القول أن الأخ الكريم إذا كان لا يستطيع إيقاف الرفقة التي معه حتى يصلي وخاف على نفسه فله أن يصلي على الحالة التي يستطيع كما قدمنا، ويعيد الصلاة بعد النزول خروجا من خلاف العلماء، وإن كان يستطيع إيقافهم أي إيقاف السيارة إلا انه يخشى من كلامهم ولا يخشى من بطشهم أو نحوه من كل ضرر كبير فإن هذا ليس عذرا لتأخير الصلاة عن وقتها، ولا عذرا لجواز الصلاة على السيارة.

والله اعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني