الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم سجود المأموم للسهو

السؤال

إمام جلس جلسة الاستراحة، ولكن أحد المأمومين وبعد سلام الإمام سجد المأموم سجود السهو، ظنا منه أن الإمام سها في الصلاة وجلس قبل القيام للركعة، ثم تكلم بكلام مغضب على الإمام لأن الإمام لم يسجد للسهو، فهل تعد صلاة هذا المأموم باطلة، حيث إنه لا يدرك معنى جلوس الاستراحة، فيعذر بجهله؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن كان المأموم سجد بعد سلامه من الصلاة -كما هو الظاهر- فإن صلاته لم تبطل لأنه فعل خارج الصلاة، مع أنه لا يطالب بالسجود لأن الإمام جلس جلسة مشروعة ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، كما بينا في الفتوى رقم: 10649 فالرجاء مراجعتها.

ولو افترضنا أن الإمام سها وجلس في هذا الموضع ثم تذكر وقام قبل أن يمكث قدر التشهد، فقد ذهب بعض أهل العلم أنه لا سجود في هذه الحالة، وما دام الإمام لا يطالب بالسجود هنا على هذا القول فإن المأموم لا يطالب به من باب أولى، قال ابن قدامة في المغني: وإذا جلس في غير موضع التشهد قدر جلسة الاستراحة، فقال القاضي: يلزمه السجود سواء قلنا: جلسة الاستراحة، مسنونة أو لم نقل ذلك، لأنه لم يردها بجلوسه، إنما أراد غيرها فكان سهواً، ويحتمل أن لا يلزمه، لأنه فعل لو تعمده لم تبطل صلاته، فلا يسجد لسهوه كالعمل اليسير من غير جنس الصلاة. انتهى.

والقول بعدم سجود السهو في هذه الحالة هو المعروف عند المالكية، وإن كان سجود المأموم حصل قبل سلامه فمن أهل العلم من يرى أن الصلاة لا تبطل بالزيادة جهلا، وعند المالكية تبطل بزيادة الركن الفعلي كالسجود والركوع إن كان ذلك عمداً أو جهلا، قال الشيخ أحمد الدردير في الشرح الكبير ممزوجاً بنص خليل: وبتعمد كسجدة (ش) يريد أن من زاد في صلاته سجدة عمداً فإنها تبطل فقوله: كسجدة أي: من كل ركن فعلي. قال الدسوقي في حاشيته معلقاً: يريد أن من زاد في صلاته عمداً، أي: أو جهلاً. انتهى.

هذا ولا ينبغي للمأموم المذكور أن يتصرف هذا التصرف ويؤنب الإمام ويلومه لهذا السبب، فإن الإمام إنما جعل ليؤتم به، وهو في الغالب أدرى بما يجوز في الصلاة وما لا يجوز فيها، فينبغي احترامه وحمله على الصواب حتى يعلم أنه على غير ذلك، وليعلم أيضاً أن الإمام بشر ينسى ويخطئ فلو نسي أو سها فلا داعي للغضب واللوم ونحوه مما يتنافى مع الغرض الذي أتى له المصلي من بيته.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني