الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            1512 - أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي ، أنا أبو بكر أحمد بن الحسن الحيري ، أنا حاجب بن أحمد الطوسي، نا محمد بن يحيى، نا محمد بن يوسف ، نا سفيان، عن عثمان، عن زاذان، عن جرير، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "اللحد لنا والشق لغيرنا".

                                                                            وقال سعد بن أبي وقاص، في مرضه الذي هلك فيه: "ألحدوا لي لحدا، وانصبوا علي اللبن نصبا، كما صنع برسول الله صلى الله عليه وسلم". [ ص: 391 ] .

                                                                            واختلفوا في أنه: هل يلقى تحت الميت في القبر شيء؟ فكرهه بعض أهل العلم، ولم يكرهه آخرون، لأنه قد صح عن ابن عباس ، أنه قال: جعل في قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم قطيفة حمراء.

                                                                            قال جعفر بن محمد، عن أبيه: الذي ألحد قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو طلحة، والذي ألقى القطيفة تحته شقران مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

                                                                            وروى يزيد بن الأصم، عن ابن عباس ، أنه كره، أن يجعل تحت الميت ثوب في القبر، فهذا يدل على أنهم لم يجعلوا القطيفة في القبر ليكون فراشا له، فقد روى عكرمة، عن ابن عباس ، قال: كان شقران حين وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حفرته أخذ قطيفة، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبسها، ويفترشها، فدفنها معه في القبر، وقال: "والله لا يلبسها أحد بعدك".

                                                                            وشقران: اسمه صالح مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولقبه شقران. [ ص: 392 ] .

                                                                            وروي أن عمر دفن امرأة من أهل الكتاب، في بطنها ولد مسلم في مقبرة المسلمين.

                                                                            وعن واثلة بن الأسقع، أنه دفن نصرانية في بطنها ولد مسلم في مقبرة ليست بمقبرة النصارى ولا المسلمين.

                                                                            ولا بأس بنبش قبور الكفار عند الحاجة، فإن من لا حرمة لدمه في حياته، لا حرمة لعظمه بعد موته، قال أنس في بناء مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم: "كان فيه قبور المشركين فنبشت".

                                                                            وقد أذن النبي صلى الله عليه وسلم، في نبش قبر أبي رغال، في طريقه إلى الطائف، [ ص: 393 ] وذكر أنه دفن معه غصن من ذهب، فابتدروه وأخرجوه، وكان من بقية قوم عاد لما خرج من الحرم أصابه من النقمة ما أصاب قومه، وحكم ذلك الغصن حكم الركاز.

                                                                            وفي مساومة النبي صلى الله عليه وسلم بني النجار موضع المسجد، وفيه القبور، دليل على أن الميت إذا دفن في ملكه، فموضع القبر باق على ملك أوليائه، والكفن مقيس عليه، وسارقه سارق ملك الأولياء.

                                                                            ولا يجوز نبش قبور المسلمين لغير حاجة، روت عمرة، عن عائشة ، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كسر عظم الميت ككسره حيا".

                                                                            فإن وقعت الحاجة، فقد روي عن جابر، قال: دفن مع أبي رجل، وكان في نفسي من ذلك حاجة، فأخرجته بعد ستة أشهر [ ص: 394 ] .

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية