قوله: كم لبثت قال لبثت يوما أو بعض يوم قال بل لبثت مائة عام (259):
يدل على أن قول هذا القائل لم يكن كذبا، لأنه أخبر عما عنده، فكأنه قال: عندي أني لبثت يوما أو بعض يوم.
ومثله قول أصحاب الكهف: لبثنا يوما أو بعض يوم ، وإنما لبثوا ثلاثمائة وتسع سنين، ولم يكونوا كاذبين، لأنهم أخبروا بما [ ص: 226 ] عندهم، كأنهم قالوا: الذي عندنا، وفي ظنوننا، أنا لبثنا يوما أو بعض يوم.
ونظيره قول النبي عليه السلام في قصة ذي اليدين: لم أقصر ولم أنس.
وفي الناس من يقول: إنه كذب على معنى وجود حقيقة الكذب منه، ولكن لا نؤاخذه به وإلا فالكذب هو الإخبار عن الشيء على خلاف ما هو به، وذلك لا يختلف بالعلم والجهل، وهذا بين في نظر الأصول، فعلى هذا يجوز أن يقال:
إن الأنبياء لا يعصمون عن الإخبار عن الشيء على خلاف ما هو به، إذا لم يكن عن قصد، كما لا يعصمون عن السهو والنسيان، فهذا ما يتعلق بهذه الآية..