الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [في بيع مد قمح أو دقيق بمثله، ومد حنطة أو دقيق بمد حنطة ومد دقيق]

                                                                                                                                                                                        قال مالك: ولا يصلح مدا قمح ودقيق بمدي قمح ودقيق، وإن كانت سواء كلها، أو بيضاء كلها، وكذلك مد قمح ومد شعير بمد قمح ومد شعير .

                                                                                                                                                                                        قال ابن القاسم: خشي الذريعة، لما يكون بين القمحين من الجودة أو [ ص: 3131 ] لفضل ما بين الشعيرين، فيأخذ فضل شعيره في حنطة صاحبه .

                                                                                                                                                                                        قال: وهو مثل من باع مائة دينار كيلا ومائة درهم بمائة دينار ومائة درهم كيلا .

                                                                                                                                                                                        وقال محمد في مدي قمح أو دقيق بمد حنطة ومد دقيق: إن كان مدا الحنطة ليس أحدهما أرفع من مدي الحنطة والآخر أدنى، كان الدقيق أو الحنطة فلا بأس به، وإن كان مد الحنطة والدقيق كلاهما أجود أو أدنى مما قابلهما أو أحدهما أجود أو أدنى والآخر مثل ما قابلهما جاز، كما قلنا في المراطلة. قيل لمحمد: لم كره مالك مد حنطة ومد دقيق بمثلهما؟ قال: كرهه مالك للذريعة، ولا بأس به عندي .

                                                                                                                                                                                        قال ابن ميسر: لا يعجبني شيء من ذلك، ولا يعجبني قول محمد .

                                                                                                                                                                                        يريد: لأن هذا مما يختلف فيه الأغراض، ولا يقطع أن هذا القمح مثل هذا، ولا أن الدقيق مثل الآخر، بخلاف الدنانير، ولهذا نظرها ابن القاسم بدنانير ودراهم، ولم يرها بمنزلتها إذا كانت دنانير كلها; لأنه يقطع إذا كانت إحداهما سكة واحدة، وضرب أمير واحد، وبلد واحد، وعيار واحد، ألا فضل لأحدهما على الآخر، فيتقى الفضل في الأخرى، ولا يقطع بمثل ذلك في [ ص: 3132 ] القمحين، فقد نجد قائلا يقول: هذا أسوأ، وآخر يقول: هذا أفضل، وثالثا يقول: بل الآخر أفضل، ولا نجد مثل ذلك في الدنانير على أن الصواب في الدنانير المنع، كما قال بعض أهل العلم; لأنا لا نجدهما يخرجان عن تلك الذهبين المتساويين إلا لغرض علماه وقصدا به المبايعة، ولولا ذلك لأمسك كل واحد منهما الدنانير المتساوية وتراطلا في المختلفة، وهو في القمحين أبين، لاختلاف الأغراض فيهما، وهو حرام لا يحل.

                                                                                                                                                                                        تم كتاب السلم الثالث

                                                                                                                                                                                        بحمد الله وعونه

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية