الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        باب في المسجد تصلى فيه جماعتان

                                                                                                                                                                                        وإن كان للمسجد إمام راتب كان أحق بالصلاة فيه، ولا يتقدم أحد ليجمع فيه قبله ولا بعده.

                                                                                                                                                                                        ومن أتى مسجدا وقد صلى إمامه لم يكن له أن يجمع فيه ثانية إلا بإذن الإمام، ولو أقام إمامه الصلاة فلم يأته أحد فصلى وحده- لم يكن لغيره أن يجمع فيه، وإن استخلف إمامه من يصلي بالناس ثم أتى بعد أن صلوا لم يكن له أن يجمع فيه .

                                                                                                                                                                                        وقال مالك في الواضحة: إن أذن المؤذن فلم يأته أحد فصلى وحده ثم أتى الإمام المسجد والناس معه، أنه إن كان المؤذن ممن يؤمهم إذا غاب إمامهم فهو كالإمام; صلاته وحده صلاة جماعة، لا يجوز لهم أن يجمعوا بعد ذلك تلك الصلاة، وإن كان المؤذن ممن لا يصلي بهم إذا غاب إمامهم فهو كرجل من الناس .

                                                                                                                                                                                        قال الشيخ -رحمه الله-: ولو كان شأنه أن يصلي إذا غاب إمامه فصلى بهم في وقت صلاة الإمام المعتاد أو بعده بيسير لكان للإمام أن يعيد الصلاة; لأن هذه مسابقة له، وإن لم يكن شأنه أن يصلي بهم عند غيبته فأبطأ الإمام، وأضر بالناس انتظاره لطول تأخره- جاز لهم أن يأمروا المؤذن أو غيره أن يصلي بهم.

                                                                                                                                                                                        وإن لم يكن للمسجد إمام راتب جاز أن يصلي فيه جماعة بعد جماعة، وإن [ ص: 343 ] كان له إمام راتب في بعض الصلوات لم تعد فيه جماعة في الصلوات التي لها إمام راتب، مثل أن يكون له إمام راتب في صلاة الليل دون النهار فإنه لا يجمع فيه في صلاة الليل قبله ولا بعده، ويجوز ذلك في صلاة النهار، فإذا صلت فيه جماعة ثم أتت جماعة أخرى كان فيها قولان: هل تصلي، أو تمنع؟ وأن تصلي أحسن; لأن الذي قبله ممن لم يكن له حق في الصلاة فيه، وهذا الجواب في الجماعة، وأما الفذ فإنه لا يمنع أن يصلي الفرض في كل مسجد له إمام راتب; يتقدمه أو يتأخر عنه، وإنما يمنع أن يصلي إذا كان الإمام في صلاة، فيصلي هو لنفسه تلك الصلاة على وجه الفرض أو النفل، ويمنع أن يجلس والإمام يصلي أو يخرج بعد أن تقام الصلاة، فحق الإمام في ذلك في اثنتين: في الجماعة أن تجمع قبله أو معه أو بعده، وفي الفذ أن يصلي حين صلاته ولا يأتم به أو يجلس ولا يصلي معه، أو يخرج بعد أن تقام الصلاة; لأن في كل ذلك أذى له، ولا يمنع الفذ أن يتقدمه في تلك الصلاة; لأن من الناس من يكون له شغل لا يمكنه معه انتظار الجماعة.

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية